موضوع العنف ضد الأطفال هو أحد أكثر المواضيع التي شغلت بالي وأدمت مشاعري على مدى سنوات طويلة، وربما يكون العام 2008م عاماً لا يمكنني نسيانه لدرجة أني أسميته في أحد مقالاتي القديمة بعام الرعب بحق الأطفال، حيث شهد وحده حالات عنف بشعة ضد الأطفال أريج وشرعاء وسارة نتج عنها وفاتهم، إضافة إلى قيام أحد الآباء بتعذيب طفله ابن الثالثة بالسوط والحرق بالنار حتى الموت. وقبل ذلك بعامين تقريباً كانت قضية الطفلة غصون التي تم تعذيبها حتى الموت على يد والدها وزوجته وكانت نقطة تحول هامة لفتت الأنظار إلى موضوع العنف ضد الأطفال والعنف الأسري بشكل عام وضرورة إيجاد حلول ناجعة لها على كافة المستويات. وبالرغم من أن بعض تلك الجرائم صدرت بحقها أحكام قضائية صارمة وصلت لدرجة الإعدام، إلا أن استمرار حالات إيذاء الأطفال بمختلف صورها الجسدية والنفسية والجنسية والإهمال، كانت تتطلب جهوداً مضاعفة لحماية الطفل تشترك فيها جميع الجهات المعنية القضائية والتعليمية والصحية والإعلامية وغيرها، إضافة بطبيعة الحال إلى الحاجة الماسة لمؤسسات مجتمع مدني تعنى بهذه الظاهرة وتمارس دورها في علاجها والوقاية منها. ومن واقع معاصرتي لتلك المرحلة المؤلمة يمكنني اليوم القول وبكثير من التفاؤل بأنه أصبح لدينا برنامج وطني رائد يعمل بفاعلية وإبداع مع القطاعات المختلفة الأخرى للتصدي لظاهرة العنف الأسري عموماً ومنها العنف ضد الأطفال .. برنامج قدم خلال فترة وجيزة خدمات مجتمعية جليلة فاقت التوقعات ومنها على سبيل المثال: مشروع «إحسان» لمواجهة العنف ضد المسنين؛ البرنامج التوعوي لمتلازمة الطفل المهزوز؛ مشروع تمكين المرأة؛ مجلد حقوق المرأة والطفل؛ دعم وتأهيل المرأة المعنفة. كما قدم البرنامج فعاليات توعوية لقضايا التنمر في المدارس، إهمال الأطفال، العنف ضد ذوي الإعاقة، والتحرش الجنسي بالأطفال. ويولي البرنامج أهمية قصوى بالتدريب، ومن ذلك تدريب الأطباء العاملين مع حالات إيذاء الأطفال، ودورة المهارات الأساسية للأخصائيين الاجتماعيين في التعامل مع حالات العنف الأسري، ودورة المهارات الأساسية في التعامل مع حالات العنف ضد المرأة، وغيرها. هذا البرنامجالوطني -الذي أتشرف بعضوية مجلسه- ترأس مجلس إدارته الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز التي تشارك وتساهم بفاعلية واهتمام في كافة لقاءاته ونشاطاته، ومديرته التنفيذية هي الدكتورة القديرة مها المنيف، ولمعرفة المزيد عن البرنامج يمكن زيارة موقعه الإلكتروني : www.nfsb.org.saحيث إن ما يقدمه من جهود وإنجازات يصعب حصرها في مقال واحد. برنامج الأمان الأسري يستحق فعلاً أن يعرفه الجميعوأن تساهم بنوكنا ومنظماتنا المختلفة في دعمه ورعاية أنشطته، دعماً للأسرة التي هي نواة المجتمع وأساسه.