ارتفاع صادرات كوريا الجنوبية من المنتجات الزراعية والغذائية في الربع الأول من عام 2025    حرس الحدود بمنطقة عسير يحبط تهريب (540) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    موسم جدة يحتفي بخالد الفيصل في ليلة "دايم السيف"    أسعار النفط تسجل تراجعًا بنسبة 7%    أمطار رعدية غزيرة وسيول على عدة مناطق في المملكة    «التعاون الإسلامي» تدين قصف الاحتلال الإسرائيلي مدرسة دار الأرقم ومستودعًا طبيًا في قطاع غزة    الشيخ أحمد عطيف يحتفل بزواج ابنه المهندس محمد    الجيش الأوكراني: روسيا تنشر معلومات كاذبة بشأن هجوم صاروخي    "كريستيانو رونالدو" يعلق على تسجيله هدفين في " الديربي" أمام الهلال    رونالدو يعزز صدارته لهدافي دوري روشن للمحترفين    "أخضر الناشئين"يفتح ملف مواجهة تايلاند في كأس آسيا    أموريم: لست مجنوناً لأفكر في فوز مانشستر يونايتد بلقب الدوري الإنجليزي    مدرب الهلال يعلن تحمل مسؤولية الخسارة    «سلمان للإغاثة» يوزّع سلالًا غذائية في عدة مناطق بلبنان    بعد رسوم ترمب.. الصين توقف إبرام اتفاق بيع تيك توك مع أميركا    رئيس هيئة الأركان العامة يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية    التعاون يتفوق على الخلود والأخدود يغادر مراكز الهبوط    "دايم السيف"... الإرث والثراء الخالد    دي بروين يعلن رحيله عن مانشستر سيتي بنهاية الموسم وفولفسبورج يغازله    محمد واحمد الشعيفاني يحتفلان بزفافهما بالقصيم    إمام المسجد الحرام: الثبات على الطاعة بعد رمضان من علامات قبول العمل    إمام المسجد النبوي: الأعمال الصالحة لا تنقطع بانقضاء المواسم    بلدية رأس تنورة تختتم فعاليات عيد الفطر المبارك بحضور أكثر من 18 ألف زائر    رؤية متكاملة لتنظيم سوق العقار    إقبال كبير على الجناح السعودي في معرض بولونيا الدولي للكتاب    العماد والغاية    نهضة وازدهار    شكراً ملائكة الإنسانية    النوم أقل من سبع ساعات يوميًا يرفع من معدل الإصابة بالسمنة    بريد القراء    المَلّة والعريكة.. تزينان موائد عيد الطائف    ولي العهد والرئيس الإيراني يبحثان في اتصال هاتفي تطورات الأحداث في المنطقة    فرع هيئة الصحفيين بحفر الباطن يقيم حفل معايدة للإعلاميين والإعلاميات بالفرع    السعودية تدين وتستنكر الغارات الإسرائيلية التي استهدفت 5 مناطق مختلفة في سوريا    المملكة تحقِّق أرقاماً تاريخية جديدة في قطاع السياحة    الملك وولي العهد يعزيان عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين في وفاة والدته    مركز 911 يستقبل أكثر من 2.8 مليون مكالمة في مارس الماضي    نفاذ نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية ابتداءً من اليوم    المملكة تستضيف "معرض التحول الصناعي 2025" في ديسمبر المقبل    المملكة تدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى    ودعنا رمضان.. وعيدكم مبارك    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان    العثور على رجل حي تحت الأنقاض بعد 5 أيام من زلزال ميانمار    الجيش اللبناني يغلق معبَرين غير شرعيَّين مع سوريا    الدول الثماني الأعضاء في مجموعة أوبك بلس يؤكدون التزامهم المشترك بدعم استقرار السوق البترولية    الأونكتاد: سوق الذكاء الاصطناعي يقترب من 5 تريليونات دولار    بلدية محافظة الأسياح تحتفي بعيد الفطر وتنشر البهجة بين الأهالي    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الاثنين المقبل    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    أكثر من 30 فعالية في (٨) مواقع تنثر الفرح على سكان تبوك وزوارها    احتفالات مركز نعام بعيد الفطر المبارك 1446ه    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    ترحيب سعودي باتفاق طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان    طيفُ التوحدِ همٌ أُمَمِي    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    باحثون روس يطورون طريقة لتشخيص التليف الكيسي من هواء الزفير    جمعية " كبار " الخيرية تعايد مرضى أنفاس الراحة    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غازي.. القلوب

فجعتُ، كمَا فُجع لفيفٌ كبيرٌ من الأصدقاءِ المحبِّين لمعالي الأستاذ الدكتور غازي عبيد مدني، بنبأٍ زلزل أفئدتنا، وهزَّ مشاعرنا، وتوقَّفت الحياةُ، وشعرتُ باختناقٍ، فكأنَّ حلقي قد أُقفل.
كنتُ في ذلك اليوم (الجمعة المباركة) في الأردن، فعلمتُ بفاجعةِ انتقال حبيبنا، وصديقنا، وأخينا معالي الدكتور غازي عبيد مدني إلى الرفيق الأعلى، ولم أتمكَّن من البقاء ثانيةً واحدةً، وهرولتُ عائدًا إلى أرضِ الوطن؛ لكي أشارك في تشييعه إلى مثواه، ولكنَّ ظروف الطيران حالت دون تحقيق رغبتي لذلك.
وقد عرفتُ الأخَ غازي مدني منذ انضمامي لجامعة الملك عبدالعزيز، بين الحياء والأدب الجمِّ، وقد عُرف عنه الانضباط، وبساطته، وقربه لطلابه وإخوانه.
لقد رأيته، وتلمَّستُ بعضًا من صفات شخصيَّته الفذَّة في مواقف عدَّة، أذكرُ منها -على سبيل المثال لا الحصر- أنَّه كان وكيلاً للجامعة، وكان يوصينا بالطلاب خيرًا.
رأيته بعد ذلك عميدًا لكليَّة الاقتصاد والإدارة، حيث كان يخوض غمار تطوير المنهج الأكاديمي في الكليَّة، بالرغم من العبء الإداري الذي تحمَّله، إلاَّ أنَّه لم يترك يومًا قط تدريس طلابه، أو المشاركة في اللجان الأكاديميَّة والإداريَّة، وإجراء البحوث العلميَّة.
حينما أراد وليُّ الأمر أنْ يكلِّفه بمهام أخرى، فأُخبرت بأنَّه -رحمه الله- سوف يتمّ تكليفه بإدارة الجامعة، وكان يومها قد سافر إلى قاهرة المعز، فاتَّصلتُ به -هاتفيًّا- للعودة إلى المملكة، دون أن أبوحَ له بسرِّ ذلك، فكانت إجابته: على السمع والطاعة.
كان أبو عبيد يعرفُ كيف يختار الأكفاءَ من الإداريين والأكاديميين للمناصب الإداريَّة والقياديَّة لجامعة الملك عبدالعزيز؛ ممَّا ساعدني كثيرًا من أن يكون أبو عبيد واحدًا من الحكماء الذين اخترتهم، فكان -رحمه الله- مصيبًا في ترشيحه، بالرغم من اعتراض البعض على ذلك التَّرشيح.
زاملته أثناء قيادته للجامعة، وحيث بدأت الجامعةُ في مخاض للارتقاء إلى المستوى الأكاديمي الذي كان يحاول أن يوفق به بين الأنظمة والنظام، وبين رغبات المواطنين وأنظمة الجامعة، وبين متطلبات الكليَّات وضيق اليد.
وما أكثر المواقف الصعبة التي مرَّ بها مع هذه المشكلات! وكم من مرَّة كنتُ أراه يشتاطُ غضبًا، ولم أسمعْ في يومٍ ما أنَّه قد أخطأ لفظًا، أو إشارةً، أو همزًا، أو لمزًا على أحد، كيف لا وهو من أسرة كريمة، مشهود لها بالارتقاء عن الصغائر، كان خلقه الحميد سيَّد الموقف، وكان الصمتُ ملاذه في معظم الأحيان.
ثمَّ ترجَّل عن موقعه في إدارة الجامعة بعد نشاط مستمر لخدمة محبوبته جامعة الملك عبدالعزيز، وإذ به ينتقل إلى رئاسة مجلس إدارة مؤسَّسة المدينة للصحافة والطباعة والنشر، حيث ساهم بقوَّةٍ وإخلاصٍ لتسيير هذا المرفق الإعلامي الهام، كان مخلصًا لمبادئه، ثريًّا في إنجازه، وكنَّا نجتمعُ شهريًّا مع مجموعة من مسؤولي الجامعة، وغاب عنَّا في اجتماع غير بعيد، وعلمتُ بوجوده في مستشفى الملك فيصل التخصُّصيِّ بجدَّة، فهرولتُ -مع رفيق دربي أخي الفاضل الدكتور ناصر السلوم- وعند وصولنا إلى باب غرفته، وقابلنا بعضًا من آل بيته معتذرين عن عدم إمكانيَّة زيارته، إلاَّ أنَّ غازي القلوب نادى بصوتٍ خافتٍ: «لقد تجشَّما عناء الحضور إلى المستشفى، فكيف تحجبونهما عن زيارتي، هؤلاء هُمَا رفيقَا دربِي، وصفوةُ أصدقائِي»، فولجنا إلى غرفته، والخجل يغطينا من معدنه الجمّ، وأخلاقه الراقية.
وسألته من مجال عملي عمَّا يشكو منه، فأجابني بأنَّه يشكُو من وخز بساقيه، ودَّعته بسببِ سفري إلى الأردن، على أمل أن أعودَ لزيارته عند عودتي إلى أرض الوطن، إلاَّ أنَّ يدَ المنون قطفتْ هذه الزهرة الزهيَّة.. هذا الرجل الحبيب، والصديق الوفي..
وأراد اللهُ أن تكونَ وفاتُه ظهرَ يوم الجمعة، والنَّاس يتَّجهون إلى الصلاة، وإنَّني أسألُ اللهَ أن تكونَ وفاته في العاشر من الشهر الحرام (رجب)، وفي يوم الجمعة المباركة، وأن يكون مرقده في بقيع الغرقد بمدينة طيبة الطيبة من علامات القبول، وإنِّي أسألُ المنَّانَ الحنَّانَ أن ينزلَ على آل مدني سكينته، ونسأله أن يبدله دارًا خيرًا من داره، وأن يغفر له، وأن يجعل قبره روضةً من رياض الجنَّة.
وإذ كُنَّا نبكي أنفسنا لفراقه، ولا نقول إلاَّ كما قال سيَّدُ الخلق صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «إنَّا لفراقِكَ يَا أبَا عبيد لَمَكلومُونَ».
«إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.