البعضُ يعتقدُ أنَّ السعادةَ يمكن أنْ تُشترى بالمال، أي أنَّ الثراءَ والغنى هما الوسيلة الأساسيَّة لنَيل السعادة. والبعضُ يعتقدُ -أيضًا- أنَّ الثراءَ والغنى قد يكونان سببًا لجلب الحزن والتعاسة. وقد توصَّلت دراسةٌ أجرتها جامعةُ بريتيش كولومبيا الكنديَّة، إلى أنَّ الدخلَ الماليَّ المرتفعَ لا يرتبطُ بازدياد مقدار السعادة التي يشعرُ بها الشخصُ، ولكنَّه يرتبطُ بشعوره بالحزن بشكلٍ أقل، وقد فحص الباحثون بيانات 12 ألفًا، تمَّ تسجيل معلومات دخلهم المادي، وإفاداتهم بشأن السعادة، ولاحظوا أنَّ الذين كانت مداخيلهم أعلى، لم يشعروا بزيادة في السعادة اليوميَّة، ولكنَّهم سجَّلوا مقدارًا أقلَّ من الحزن. البعضُ يقولُ بأنَّ (المالَ لا يشترِي السعادةَ)، وهناك مَن ينسب هذا القول للأثرياء فقط! إذ هناك فرقٌ بينَ أنْ تشعرَ بعدم الحزن، وبينَ أنْ تشعرَ بالسعادة، فالمالُ قد يوفِّر الراحة، ويبعد الحزن، ولكنَّه في الوقت نفسه يجلب معه همَّ المسؤوليَّة، والتفكير، والجهد النفسي والذهني بشأن كيفيَّة المحافظة على المال، ولذلك فقد يكون مفهوم السعادة مفهومًا نسبيًّا من شخص لآخر. فمِن النَّاسِ مَن يعتقدُ أنَّ السعادةَ في المالِ، ومنهم مَن يراهَا فِي الحصولِ على الأبناءِ، ومنهم مَن يراهَا في المناصبِ العاليةِ، أو الدرجاتِ العلميَّةِ، أو القصورِ الفارهةِ، والسيَّاراتِ الفخمةِ، في حين يجدُ البعضُ السعادةَ في رضا النَّفسِ. بعضُ الأفراد الذين يواجهون ظروفًا ماديَّةً صعبةً، قد لا يقتنعون بما سبق، ويصرُّون بأنَّ المالَ هو المفتاح الرئيس للسعادة، وبدون المال سيبقى الإنسانُ تعيسًا، ولن يتمكَّن من مواجهة صعوبات الحياة، ويرى هؤلاء بأنَّ معظم المشكلات التي تواجه الإنسان في حياته يكون حلّها -غالبًا- في المال، في حين يعتقدُ البعضُ الآخرُ بأنَّ من وسائل الحصول على السعادةِ تقوية الصلةِ بالله، والسعي على مساعدة الآخرين، والتزوُّد بالعلم والتفكر، وعدم مقارنة النفس بالآخرين، ومعالجة المشكلات الفرديَّة أولاً بأول، وبطريقةٍ واقعيَّةٍ، والتفاؤل والمحافظة على نمطٍ صحيٍّ للحياة. السعادةُ هي في أنْ يعيشَ الإنسانُ في أمنٍ وأمانٍ، وصحةٍ وعافيةٍ، ويكون عنده ما يكفيه من طعامٍ وماءٍ، فكم من غنيٍّ يبحثُ عن السعادة، ولكنَّه لم يجدها في المال! وأصبح المالُ بالنسبة له مجرَّد أصفارٍ تُضاف في الرصيدِ؟! وكم من فقيرٍ لا يكادُ يجدُ قوتَ يومه ينامُ سعيدًا مطمئنًا، لا يحملُ همًّا، ولا غمًّا، واثقًا بأنَّ رزقَهُ على الله، متفائلاً بغدٍ أفضل، وراضيًا وسعيدًا بما قسمه اللهُ له.