من أبرز مواصفات القادة الناجحين حرصهم على الانضباط، وهي صفة تعكس مستوى الثقة بالنفس، كما تعكس رجاحة العقل والاتزان والثبات على المبادئ مهما تغيرت الظروف، والقدرة على تخطي العثرات، والانضباط يعني الجدية والالتزام والدقة كما يعني حسن أداء الواجبات واحترام الأنظمة والقوانين واحترام حقوق الآخرين، كما أن الانضباط هو القدرة على التمييز بين ما هو مشروع وجائز وبين ما هو محظور، والقائد المتميز هو الذي يستطيع أن يؤثر في الآخرين من خلال سلوكه وانضباطه وحرصه على اتباع النظام. القائد المتميز هو الذي يفرض الانضباط الناتج عن القناعة والرغبة في العمل ورفع مستوى الإنتاجية، وليس الانضباط المبني على الرهبة والخوف والتهديد والوعيد، فالانضباط الإيجابي هو الذي ينطلق بشكل ذاتي من خلال التوجيه والإرشاد والتعليم والسلوك وليس من خلال العقاب، على الرغم من أن بعض جوانب الانضباط قد تلجأ في بعض الظروف إلى العقوبات وذلك عند الرغبة في الحزم والشدة وفق ظروف معينة، والانضباط لا يُقاس من خلال المواقف العابرة أو المهام والمشاريع الكبرى أو الظروف الطارئة بل هو منهج حياة وأسلوب عمل وسمة من سمات القادة المتميزين، وترتبط مكانة المجتمعات بمستوى انضباط أفرادها في مختلف المراتب، فالتحلي بالانضباط أصبح ضرورة من ضرورات الحياة والشعوب غير المنضبطة لا تستطيع أن تتقدم أو تنمو ولا مكان لها في الحاضر أو المستقبل لأنها شعوب تعيش في فوضى دائمة وفي حالة من عدم الاتزان. الانضباط ليس أمراً سهلاً لكنه ركيزة من ركائز عملية تطوير الذات وتحقيق الأهداف وهو يكمن في القيام بأعمال ونشاطات قد يكون بعضها شاقاً ومتعباً وبعضها لا تهواه النفس وهذا أحد أسرار اعتبار الانضباط سراً من أسرار التفوق والنجاح مثلما أن الكسل والإهمال عنصر من عناصر الفشل والإخفاق، فالشخص الذي يهوى الانضباط وبالرغم من المرور ببعض الظروف أو مواجهة بعض العقبات فإنه لا يستسلم لها ولا يتوقف عندها أو يستغلها كأعذار بل يمضي في تطبيق برنامجه ويواصل السعي الحثيث لتحقيق أهدافه فالنجاح رحلة وليس مرحلة. الانضباط متعة بالنسبة للبعض وأساسه أن يكون لدى كل فرد منا رؤية واضحة عما نريد تحقيقه، وأن نعمد إلى التدرب على رفع مستوى الانضباط لدينا والارتقاء في مراحله المختلفة وأن نواجه أنفسنا ونكون صرحاء فنتخلى عن العادات والسلوكيات السلبية ونستبدلها بالإيجابيات ونقاوم المغريات والتي هي العدو الأول للانضباط.