برحيل الشاعر مساعد الرشيدي–يرحمه الله- فقدت ساحة الشعر واحدًا من أهم أعمدتها.. أطل مساعد علينا كجيل أواخر التسعينات بتجربة مختلفة لغةً وأسلوبًا.. جاء للشعر فارسًا في زمن بلغ فيه التنافس أوجه بين عدد من الشعراء المهمين، وكانت الحركة الشعرية في عنفوانها.. تجربة مساعد جاءت محلقة ومختلفة يعرفها النقاد، ما جعل أبياته تتردد حتى خارج ساحة المهتمين ومتذوقي الشعر الشعبي. لم تتورط نصوصه بالرمزية والتعقيد، رغم أن مفرداته وجملة دائما ما تأتي مختلفة وعاصفة مثيرة للدهشة والإعجاب ما يدل على أنه اختط لنفسه مبكرًا أسلوبًا ونفسًا إيقاعيًا يميزه. ويكفي أن تقف على بيت واحد يشير لسمات هذه التجربة: ما قلت لك عمر سيف العشق ما يقتلك ما تشوفني حي قدامك وأنا أموت فيك ولن أتحدث نقديا عن تجربة هذا العلم، الذي لا أدعي إلمامي بتفاصيل تجربته رغم حرصي على متابعة كل ما ينشره.. لكنني أشير لمدى تأثيره فينا كجيل كان من حسن طالعه أن تتفتح ذائقته على شاعر بهذا الحجم يقرأ له ويستمع لنصوصه عبر عدد من الأمسيات. يا أبوي لا يلحقك شكٍ ولا ريب انفض هجوسك وأرفع الراس عالي أنا شبابك لا غزى راسك الشيب وأنا عضيدك لو تجور الليالي كنا ننتظر بلهفة كل جديد ينشره عبر مجلة المختلف، وفواصل، وقطوف وغيرها أو عبر ملاحقنا الشعرية في الصحف كما يحدث في «تضاريس» و»خزامى الصحاري» وغيرها وعادة ما نغيّب كثيرا من أبياته التي نجد فيها سلاسة وصور آسرة: كيف أطفي الريح بثيابك وكيف أشعلك كيف أتنثر على جمرك وكيف أحتويك نقضت ليل الحرير وجيت ما أنت لهلك سميت باللي فتني بك وقلت أبتديك رحل مساعد بعد أن ترك من إنسانيته وشعره ومعجمه الفريد ما يدل عليه ويبقي أثره طويلا. تجربة حياة حافلة مر بها هذا الشاعر والمثقف، كما تؤشر نصوصه، التي أودعها قلبه وبث جانب من شجونها: حزين من الشتا ولا حزين من الضمى يا طير دخيل الريشتين اللي تضفك حل عن عيني دخيل الما وملح الما وحزن الما قبل تطير تهيا للهبوب اللي تصافق في شراييني وهو الذي قال ذات يوم: يارب يوم ألقاك والحال عاري تستر عذاريبي وتغفر ذنوبي رحم الله شاعرنا مساعد الرشيدي وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.