إن الله تعالى أمر بطاعته وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)، فمبنى طاعة الله لا تكون إلا بالطاعتين معًا، فالله عز وجل كرر الفعل أطيعوا، ليُؤكِّد أنهما طاعتان مستقلتان لا تتحقق إحداهما إلا بالأخرى، فمن لم يطع الرسول فما أطاع الله، وليخبرنا أن في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، المُبيِّن والمُفسِّر والمُوضِّح لما جاء في كتاب الله، وفيها ما استقل بتشريعه سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يرد في كتاب الله، فمما شرع الرسول لنا ألا نجمع في النكاح بين المرأة وخالتها والمرأة وعمتها، وهو مما لم يرد ذكره في الكتاب، وحتى لا يستهين أحد بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما علم الكتاب من لم يعلم بها وفيها بيانه ووضوحه وتفسيره وتأييده، ولم يطع الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو ولاشك مبطل لعمله، فكل ما كان من العمل مخالفًا لنص القرآن الكريم أو نص رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهو عمل غير مقبول ولا يؤجر عليه العبد، حتى ولو كان هذا العمل مقبولًا عند الناس، ثم لابد وأن تكون النية فيه خالصة طاعة لله عز وجل، واتباعا لما أمر واجتنابا لما نهى، والله يؤكد ذلك فيقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإن تَنَازَعْتُمْ فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)، ليؤكد لنا أنهما طاعتان مستقلتان يجب الوفاء بهما، وحين التنازع والاختلاف في أمر من أمر الدين، فالمرجع فيه إلى نصوص كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وإجماع الأمة، وتلك إشارة إلى أولي الأمر الذين علموا فاستنبطوا، وهم من لهم الإجماع، فلا عمل مقبول إلا ما كان موافقًا للكتاب والسنة، وبنية خالصة طاعة لهما واتباعا لسبيل المؤمنين، ألم يقل الله عز وجل: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)، ولاشك أن من لم يعمل بسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- شاق له عاص لأمره ونهيه، ومن لم يتبع ما أجمع عليه علماء الأمة، فقد ترك سبيل الله المؤمنين ولاشك، نسأل الله الهداية لكل مسلم متبع لسبيل المؤمنين ملتزم بأحكام الله، يطيع الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، مخلصًا في طاعتهما واتباع سبيلهما وسبيل المؤمنين، وحرّم اللهم أجسادنا على النار، وادخلنا الجنة بفضلك ورحمتك، فتلك غاية مسعانا التي نرجو بها النجاة، والله ولي التوفيق.