وادي الفرع وادٍ عريق، وله تاريخ موغلٌ في القِدم، ويعتبر وادي الفرع من أجمل المناطق السياحية في وطننا الغالي، اشتهر بأشجاره الخضراء، وعيونه الثجاجة، ومناظره الخلابة، وجباله الشاهقة، وزراعته المختلفة وبعمقه التاريخي، ومن تلك المناطق التاريخية والسياحية قرية المضيق، حيث تقع في وسط وادي الفرع، وتعتبر المضيق واحة ساحرة ومتنزه جميل بنخيلها الباسقة وشلالاتها التي تجذب الناس في أوقات نزول الأمطار ومنظر نخيلها الذي يقف شامخًا يمنة ويسرة تحت جبال عالية، وكانت هذه القرية حصنًا من الحصون التي يأمن بها كل خائف لموقعها الإستراتيجي حيث يحمي قرى الوادي من كل معتد حيث تعلو الجبال وتقترب من بعضها في هذه القرية من الجانبين، وقد عثرت في قرية المضيق بقايا من القصور القديمة والتي تدل على حضارة وكثافة سكانية كبيرة، كما ربطت قرية المضيق بوجود مسجد النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال السمهودي: إن النبي صلى الله عليه وسلم نزل في موضع المسجد بالبرود من مضيق الفرع وصلى فيه، وهذا المسجد واحد من مساجد ثلاثة صلى بها النبي صلى الله عليه وسلم، أما المسجدان الآخران فهما في الفرع (قرية أبي ضباع) وجميعها معلومة المواقع. ولأهمية المضيق، سواءٌ من الناحية التاريخية أو السياحية فقد ذكره جميع المؤرخين، يقول الحموي: المضيق قرية في لحف آرة بين مكةوالمدينة، أغارت بنو عامر ورئيسهم علقمة بن علاثة على زيد الخيل الطائي فالتقوا بالمضيق فأسرهم زيد الخيل عن آخرهم وكان فيهم الحطيئة فشكا إليه الضائقة فمنَّ عليه (أي: عفا عنه)، فقال الحطيئة: إلا يكن مالي ثوابًا فإنه سيأتي شيائي زيدًا ابن مهلل فما نلتنا عذرًا ولكن صبحتنا غداة التقينا في المضيق بأخيل كريم تفادى الخيل من وقعاته تفادي خشاش الطير من وقع أجدلِ وذكره العباسي في كتابه «عمدة الأخبار في مدينة المختار» بقوله: المضيق بالفتح وكسر الضاد المعجمة ومثناة تحية وقاف - قرية قرب المدينة وفي لحف جبل آرة وكان في المضيق عين ماء قد أجراها الحسين بن زيد لما رجع من اليمن في جملة أخرى من العيون...». وقال أحد المؤرخين: «المضيق قرية من قرى الفرع في لحف جبل آرة، بها عين كانت للحسين بن زيد، تميزت عين المضيق بغزارتها وعذوبة مائها ودوام جريانها حيث إنها لا تنقطع في أوقات الجدب ولكنها تقل مياهها وتنبع عينها من مجارٍ لها من جبل آرة ويؤكد المواطنون أن مجاريها الأساسية تشرق عبر وادي مكة المعروف في تلك الجهة حتى تتعلق بالهضبة جبل (آره)» (علمًا بأن هذا الوادي بعيدٌ عن مكة ولكن اسمها هكذا). وقد زار الكاتب وادي الفرع، بما فيها قرية المضيق وعاينها عشرات المرات، حيث تجوّل في ساحاته وجباله وأوديته،وشاهد جميع المواقع التي كان لها علاقة بالسيرة المكانية، كما قابل أهلها فوجد أن جودهم وكرمهم وحسن أخلاقهم كأنها قد اقتبست من طبيعة أرضها وغزارة عيونها وكرم نخلها.