ولكن بشرط,, أن تكون ظريفاً، محبوباً لدى الناس، خفيفاً على النفوس تستطيع أن تدخل القلوب من دون استئذان، أما أن تكون طماعاً أرفل كما يقولون,, فهذا,, الذي حذرت منه الِحكم والأقوال والنصائح، واذا ذكر الطمع وفنونه، ذكر أشعب، لدرجة أنهم أضافوا إلى اسمه صفته,, فقالوا,, أشعب الطماع,, مع أن هناك كثيرين على مرّ الحقب والأزمان يفوقون أشعب في الطمع,, لكنه فاقهم في خفة الدم كما يقال وسرعة البديهة,, وارتياح المشاعر الإنسانية لأفعاله وأقواله,, وهناك من الطماعين من يهدم بيتك,, ويأكل مالك، ويحاول إنهاءك,, كل ذلك من غير حق ولا وجهٍ شرعي,, وقد تقاومه، وقد لا تستطيع,, خاصة إذا كان ذا ضلع لا تكسره الألغام، ولا تفتته القنابل الموقوتة، ويا ويلك ياللي تعادينا,, ويا ويلك,, ويل,, ,, وقد أحب الناس خاصة الملوك والأمراء والوزراء، في تاريخنا العربي، ذوي الظرف والسخرية المحببة فحرصوا على أن يكونوا من جلسائهم، لتخفيف عناء إدارة الدولة بالظرف والفكاهات، وحسن العبارات، قال ابن مسعود,, القلوب تملُّ كما تملُّ الأبدان,, فاطلبوا لها طرائف الحكمة,, وقال ابن الماجشون إني لأسمع بالكلمة، يقصد,, الجميلة المطربة للنفس,, وما لي إلا قميص واحد فأدفعه إلى صاحبها,, ليعيدها عليّ,, واستكسى الله عز وجلّ,, وكان الغاضري مثل أشعب في الطمع إلا أنه لم يشتهر مثلما اشتهر أشعب,, وكانت له مُلَح وطرائف جميلة,, أتى الحسن بن زيد يوماً فقال,, إني عصيت الله ورسوله، فقال الحسن,, بئست ما فعلت,, وكيف ذلك؟! قال لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم,, قال لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة، وأنا أطعت امرأتي فاشتريت غلاماً فهرب، قال الحسن,, اختر واحدة من ثلاث,, ان شئت فثمن الغلام,, قال: بأبي أنت قف عند هذه ولا تتجاوزها وسئل أشعب هل رأيت من هو أطمع منك,, قال نعم,, كلبة آل فلان رأت رجلين يمضغان علكاً فتبعتهما فرسخين تظن أنهما يأكلان شيئاً,, وكان أهل المدينة يقولون,, تغير كل شيء إلا ملح أشعب، وخبز أبي الغيث,, ومشية برة. وكانت ب رة هذه جميلة لها مشي ة جميلة مثلها تُعرف بها، فانظر كيف يفكر الناس في المأكل، والظرف والمنظر الحسن، أما في زماننا هذا، فقد تغير كل شيء, انسلخ الناس من جلودهم الآدمية، وضيعت الأمانة وقطعت الرحم، وماتت الكلمة الجميلة المطربة على الشفاه، وفسد الناس.