كنا قبل ثلث قرن تقريباً نستبشع اللقطات القليلة التي ترد في الأفلام الأجنبية كتوضيح لبعض أساليب الإجرام التي تقع ويراد من المشاهد أخذ الحيطة او العبرة منها. وأذكر أنني تكلمت مع الاستاذ جميل الحجيلان، وهو إذ ذاك وزير الإعلام، حول لقطة تمثل رجلاً يريد سرقة صندوق تجاري,, وقد لبس على يده قفازاً يحسب أنه يمنع بقاء بصمته فيستدل بها عليه، وقلت له إن مثل هذه الحركة تعلِّم المستعد للإجرام وسيلة لم يعلمها لولا مثل هذه اللقطة,, وقد أحسست بأنه فوجئ بمثل هذا المنظر الذي ما كان يصح ان يقع ولاسيما في مجتمعنا النظيف، ووعدني حينذاك بأنه سيتحقق من هذا الأمر ويتخذ بعده الإجراء المناسب. وها نحن اليوم نجد أن بعض وسائل إعلامنا كالصحف، قد فتحت صدرها لنشر أخبار هذه الجرائم التي ليس من الدين ولا من الأخلاق الإسلامية نشرها أو إشاعتها لأن في نشرها من المحاذير ما الله به عليم. ولعلّ من أبرز هذه المحاذير تهوينها على النفوس الخبيثة المستعدة لارتكابها ثم إنها تخلق في النفوس التبلد والاعتياد عليها بحيث تزول رهبة فعلها من نفس الفاعل. وقد أشار الكاتب الكبير الأستاذ محمد صلاح الدين إلى هذا الموضوع وتطرق إليه بالتفصيل في عموده اليومي الفلك يدور بعنوان هموم وخواطر إعلامية في صحيفة المدينةالمنورة يوم السبت 11 جمادى الآخرة 1421ه. وتساءل الأستاذ مستنكراً: ما الحكمة من نشر كافة صحفنا لهذا النوع المروع من الجرائم التي تصدم الفطرة الإنسانية وتقشعر لها الأبدان كذبح الأم لأطفالها، وقتل الابن لأبيه أو أمه، أو قتل الرجل لكامل أسرته، إلى غير ذلك من جرائم لا يتصور أحد إمكانية وقوعها,, تنشر تفاصيلها البشعة على الصفحات الأولى . وحقاً والله ما قال الأستاذ الكاتب، فمثل هذه الجرائم يجب أن تصان عن نشرها المجتمعات المسلمة ولا يُصار الى نشر شيءٍ منها إلا ما تقتضيه المصلحة العامة وفق مرئيات القضاء والجهات المسؤولة حتى وإن كانت وسائل الإعلام الأجنبية وخاصة منها الفضائيات تضجّ بمثل هذه الجرائم والفضائح المنكرة. ويتساءل الأستاذ محمد صلاح الدين في مقاله المشار إليه قائلاً: إن كان الهدف إثارة الناس وكسب القراء وزيادة التوزيع فبئست الوسيلة، وإن كان المقصود مجاراة السوق والالتزام بنشر الأخبار بغض النظر عن مضمونها الأخلاقي، وآثارها النفسية وعواقبها الاجتماعية، كما تقول بعض النظريات,, فأين هي إذن مخافة الله ومسؤولية النشر، وواجب الكلمة ورسالة الصحافة,,؟ . إنني من خلال تفاعلي مع مقاله، ودائماً أنا متفاعل مع ما يكتب هذا الرجل الموفق دائماً في معالجاته للقضايا الإسلامية,, وهذا الموضوع منها فإنني أهيب بالمسؤولين في صحافتنا أن يوصدوا باب هذا الطريق الموحش، حفاظاً على قيمنا الدينية والأخلاقية والاجتماعية، وهناك قاعدة أصولية فقهية معروفة تقول إن درء المفسدة مقدمٌ على جلب المصلحة . *** حروف من لغة الشمس لغة الشمس هي لغة الحياة في وظيفتيها: الحرورية والضيائية هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً ولا شك أن الحروف المستعارة من هذه اللغة ستكون بطبيعتها ساخنة، وهذا ما هو كائن في ديوان الأستاذ الشاعر عبدالله بن سليم الرشيد الجديد, ونحن قد عرفنا هذا الشاعر قبلاً في ديوانه الأول خاتمة البروق الذي أصدره النادي الأدبي بالرياض عام 1413ه وقلت عنه في المقدمة الموجزة التي كتبتها للديوان ما يلي: صاحب هذا الديوان شاعر لا شك في شاعريته، ولعلّه من أفضل الشعراء الشباب في بلادنا من حيث السمات التالية: 1 ان أدواته الشعرية مكتملة لغوياً وأسلوبياً وموسيقياً. 2 قدرته على التشخيص وجمال التصوير. 3 تميّزه بالانسياب اللفظي والمفردة الضاجة بالحيوية. 4 وضوح رؤيته الفكرية من خلال تجاربه الشعرية. 5 نموه الإبداعي مطرد باطراد نموه الزمني ,, إلخ. أما ديوانه الجديد هذا والذي يقع في 85 صفحة من الحجم المتوسط ويضم 30 مقطوعة وقصيدة، فهو إضافة جديدة إلى شعره السابق بتطور ملحوظ,, وبخاصة في قصائده التفعيلية . من قصيدته وقت للسؤال والتي يوجه فيها نقده وملاماته للمنحرفين بالشعر عن جادّته المضيئة وجمالياته الآسرة: لماذا يجرُّون ناصية الشعر للنقطة المعتمة لماذا يريدون للقلب ألا يحِنّ والروح ألا تئن وللرأس أن يقبل الصفعة المؤلمة جعلنا سعال العجائز شعرا وخفق النعال معلقة ملهمة