في مقال سابق بعنوان (زواج المثقاف وحمد القاضي) كتبت تعليقاً على مقال للأستاذ حمد حول اتجاه بعض الرجال لما يسمى بزواج المثقاف كحجة أو مبرر للزواج الثاني. وعلى الرغم من موافقتي للأستاذ القاضي على خطأ التسمية، إلا أنني خالفته من حيث الهدف، فإن كان الرجل يبحث عن زوجة مثقفة تناقشه في فكره وتشاركه تطلعاته وتتبادل معه حديثاً شيقاً وتنقل له أخباراً مختلفة وتثري عقله بمعلومات متعددة وتملأ قلبه بعاطفة متقدة، فتزخرف حياته بألوان الطيف؛ فلا مانع من أن يرتبط بزوجة ثانية بهذه المواصفات بشرط أن يكون هدفه واضحاً ومقبولاً وبصورة شرعية. على أن تتفهم زوجته الأولى هذا السبب، مع استمرار العلاقة الودية بينهما، والتعامل معها بما يليق بها كالسيدة الأولى وحفظ حقوقها واحترام مكانتها كونها زوجته وأم أولاده. ولا يكون زواجه تنصلاً من مسؤولية، أو هروباً من وضع مستقر وحياة عائلية هانئة، أو بقصد التعدد فحسب. بمعنى ألا يكون الهدف للتغيير فقط. الطريف أن كثيراً من الرجال قد تفاعلوا مع المقال، وتمنوا زواجاً من هذا النوع. بل إنهم راحوا يحلمون بمواصفات المرأة المثقفة التي تسلب اللب والفكر أكثر من أمنياتهم في مواصفات المرأة الجميلة التي تسرق النظر! وبرغم تشبيهي لبعض النساء بالدجاجة حين لا تعرف ما يدور حولها من أحداث أو أخبار أو مستجدات في الحياة العامة حتى ولو كانت ذات تعليم يصل للجامعي أو يتعداه، إلا أن معظم السيدات ضربن صفحاً عن المقال وأبدين تسامحاً منقطع النظير، وجاءت ردود بعضهن مؤكدة وساخرة، أكثر منها محتجة وغاضبة! وكان الأمر متوقعاً، حيث إن المرأة المعنية لا تقرأ أصلاً فكيف تحتج؟ بما يدلل ضحالة المستوى الثقافي لدى بعض النساء برعاية الرجال الذين يبتهجون بزواجهم من جاهلات بدعوى (يا رجال أحسن لها الجهل، إذا عرفت أتعبتنا! أصلاً ما نبغى حرمة مثقفة تزعجنا بالفلسفة، نبيها دجاجة تبيض ونستفيد من بيضها، ومن راتبها إن أمكن) وهم بزعمهم أن المرأة المثقفة متعبة، وقد لا يعلمون أنها مريحة جداً لترفعها عن السفاسف والتوافه، وتجنبها الخوض في التفاصيل وأقصد صاحبة الثقافة الحقيقية وليست الاستعراضية. حيث تكون الثقافة سلوكاً رفيعاً جداً، فكلما ازدادت المرأة منها، زادتها جمالاً ورقة وتواضعاً وهيبة، وزاد زوجها انبهاراً فيها وولعاً بها، حتى يصبح لها أسيراً، فتُتهم بأنها سحرته، وهي بالفعل قد سحرته بفكرها وإشراقها ونضوجها وتألقها. خصوصاً إذا كانت ذات ذوق في الملبس والهيئة (وراعية نَفس بالطبخ وترتيب المائدة) وخفيفة دم وصاحبة نكتة! وبعض الرجال ممن ليس لديهم زوجة مثقفة قادرة على احتواء أفكارهم، فهم عاجزون عن الرفع من تفكيرها، لذا تجدهم يهربون منها للاستراحات والمقاهي والكشتات، أو الانغماس في العمل والسفر! بينما هي غارقة في مكالماتها الممجوجة وزياراتها المكوكية وتسوقها غير المحدود! من التعليقات التي وصلت من السيدات تعليق القارئة المحترفة والإدارية المتميزة مها الحقيل بقولها: (أؤيدك فيما ذكرت يا رقية عدا شيء واحد، وهو ما حد يبي رشرش ذا الأيام يمكن خاتم سوليتر!) وترى القارئة المتابعة الأمل: (أن الثقافة ليست مقتصرة على النواحي الأدبية كما تصوَّرها الأستاذ القاضي، بل هي الإلمام بشيء من كل شيء، وهي مطلوبة من الرجال والنساء معاً، فمن حقي أن أجد من يفهم اهتماماتي ويقدرها لكي يصبح الحديث متناغماً بيننا). أتعلمون ما هو التناغم أيها الرجال؟ يعني: الانسجام، والمتعة في الحديث. واسألوا المجربين!! www.rogaia.net [email protected]