هل يمكن أن يتصور أحد أن هطول أمطار متوسطة في بلادنا في كثير من المناطق قد يسبب انقطاعاً للكهرباء يستمر عشر ساعات متواصلة؟ وهل يمكن أن يحدث ما حدث في مدينة جدة في بلاد أخرى لها إمكانياتنا؟ وأتساءل أين البنية التحتية والتخطيط؟ أين الاستعدادات لمثل تلك الكوارث؟.. وفي أحد الأخبار شدني جزء من النص الذي يقول (إنَّ البعض من المواطنين اتجهوا بأطفالهم إلى ضفاف الوادي للفرجة) جهل مطبق ووعي مفقود، غير مبالين بالخطورة التي قد تحصل لهم إذا اشتد منسوب مياه الوادي (أين التثقيف بخطورة الوضع؟ وهل بعض المواطنين جاهلون إلى ذلك الحد بخطورة تلك الأعمال؟). لقد كتبت مقالة من قبل بعنوان (هل حان الوقت لإنشاء هيئة وطنية لإدارة الطوارئ؟)، نُشرت في العدد 12712 من جريدة الجزيرة بتاريخ 10 يوليو 2007م، ومن ضمن عشرات الأسئلة التي طرحتها في تلك المقالة، تساءلت: هل لدينا نظام لتوفير خدمات إرصادية دعماً لعمليات التصدي قبل وقوع الطوارئ وبعدها، ولعمليات الإغاثة؟. وبالأمس القريب تلطخت عروس البحر الأحمر بدماء شهداء السيول التي داهمتها. واليوم على صفحات الجزيرة أحذر كل مسؤول في محافظة أو أي مدينة أو قرية سعودية بأن يتفقد أمور بلدته أو محافظته بمساعدة الدفاع المدني، واتخاذ ما يلزم تجاه جميع القاطنين في وأمام مجاري السيول، واتخاذ الإجراءات اللازمة والحازمة حيال ذلك. لا نريد تكرار ما حدث في جدة في أي مكان في بلادنا؛ فأرواح السعوديين لا تقدَّر بثمن عند ولاة أمرنا. ولعموم المواطنين من باب الثقافة العامة والتوعية بالسيول الناتجة عن العواصف الرعدية أقول: قد ينتج عن العواصف الرعدية رعد وبرق مع مطر غزير وبرد، وأحياناً ترافقها رياح هائجة أغلبها لا يدوم أكثر من ساعة. وكل العواصف الرعدية خطرة، والبرق الناتج عبارة عن تشكل التيار الكهربائي في سحابة رعدية، يتحرر منها على شكل وميض متألق من البرق، يسير بشكل متعرج نحو الأرض، ويمكن للبرق أن يسخن الهواء في مساره إلى 30000 درجة مئوية، وهي درجة أعلى من درجة حرارة سطح الشمس بخمس مرات. يتمدد هذا الهواء بسرعة هائلة مسبباً الصوت المدوي الذي يدعى الرعد، ويحدث الرعد والبرق في الوقت نفسه تماماً، ولكن يُرى البرق أولاً؛ لأن الضوء ينتقل بسرعة أكبر من سرعة الصوت، فإذا سمع صوت الرعد بعد ثلاث ثوان من رؤية البرق فهذا يعني أن العاصفة على بعد 1 كم. ولا تنسوا أن البرق يتسبب في نشوء حرائق للممتلكات الخاصة أو في الغابات، وقد يسبب موت وإصابة أعداد كبيرة بإصابات مختلفة. كما أن من الأخطار الأخرى للعواصف الرعدية نشوء ما يسمى العاصوف tornado ورياح شديدة وبرد وفيضان محدود النطاق (سيل) يعتبر مسؤولاً عن أكثر الضحايا من أي خطر آخر مصاحب للعواصف الرعدية. ويمكن تلخيص الحقائق عن العواصف الرعدية بما يأتي: أن العواصف الشديدة تتكون عندما يتصادم هواء دافئ ورطب مع هواء جاف بارد، وقد تتكون منفردة أو في مجموعة أو في خطوط، وأشدها خطراً تتكون عندما تؤثر عاصفة رعدية واحدة على مكان واحد لمدة طويلة، ويمكن أن تُنتج مطراً كثيراً في مدة قصيرة في أي مكان من 30 دقيقة إلى ساعة. وتتكون العواصف الرعدية نتيجة الحالات الدافئة الرطبة. ونحو 10% من العواصف الرعدية تقسم على أنها شديدة أو قوية، وأن تلك المنتجة للبرد تصاحبها عادة رياح سرعتها 58 ميلاً في الساعة أو أكثر. والتساؤل: كيف يمكنك حماية نفسك من العواصف الرعدية والبرق؟ وللإجابة على ذلك أقول: إنه قبل أن تشرع في بناء منزلك اطلب من الكهربائي توصيلاً أرضياً لامتصاص الشحنات الكهربائية من البرق، وإذا كنت قد بنيت منزلاً ولم تحفر من قبل ولم تضع سلكاً أرضياً لامتصاص الصواعق فاستشر مهندساً كهربائياً، وابحث معه إمكانية عمل ذلك؛ فالوقاية خير من العلاج. وفي مواسم العواصف ترقب وارصد العاصفة الرعدية الشديدة، وراقب السماء، وتتبع أخبار العواصف الشديدة عن طريق الإذاعة والتلفزيون، وموقع الرئاسة العامة للأرصاد والبيئة، التي ستخبرك أين ستقع تلك العواصف. وفي كثير من الأحيان في العالم المتحضر فقط يتم تحذير المواطنين من عاصفة رعدية شديدة؛ فيطلق هذا التحذير عندما تصبح العاصفة الرعدية شديدة، وكما تعرفون فالتحذير يدل على خطر وشيك يهدِّد الحياة والممتلكات لأولئك المتواجدين في طريق العاصفة الرعدية. وعلى الجميع زيارة موقع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في السعودية؛ فعلى موقعها على الإنترنت يوجد أشياء مفيدة مثل باب عن مراحل التحذير من الطقس، وهي المراقبة والتنبيه والتحذير اليومي، وخريطة الأقمار الصناعية للطقس، ورقم الاتصال هو 998، وأرجو أن تكون الزيارة يومية لهذا الموقع والاستفادة منه، كما أرجو الاتصال بهم لمعرفة المزيد من المعلومات؛ حتى يكتمل التثقيف بهذا الموضوع والموضوعات الأخرى عن الأرصاد والبيئة. ولتحضِّر نفسك لعاصفة رعدية عليك أتباع الآتي: إذا كنت تملك حديقة أو مزرعة فأزل أشجارها الميتة وأغصان الأشجار الجافة، التي يمكن أن تسقط وتسبب إصابات أو أضراراً خلال عاصفة رعدية شديدة. كما تذكر قاعدة السلامة 30-30 التي تقول: اذهب للداخل لو أنك بعد رؤية البرق لا تقدر أن تعد إلى 30 قبل سماع الرعد، وابق في الداخل لمدة 30 دقيقة بعد سماع آخر قصف من الرعد. وقبل العاصفة لا تقم بأي نشاط خارج المنزل، وأجِّل ذلك لما بعد العاصفة، وادخل منزلك أو أي بناية بجوارك إذا كنت خارج المنزل، أو ابق في سيارتك، مع العلم أنه ربما تجرح داخل السيارة، لكنك عموماً ستكون أكثر أماناً داخلها. وتذكر أن الأحذية وإطارات السيارات المطاطية لا تعطي حماية من البرق، لكن الهيكل الفولاذ العلوي للسيارة يوفر حماية أكبر إذا لم تلمس ذلك الهيكل المعدني، وكذلك تأكد من أن الأغراض وأي معدات خارج المنزل مؤمَّنة، ولا يمكن أن تتطاير بعيداً بفعل العاصفة لتسبب أضراراً، وإذا كنت داخل المنزل فاقفل خشب الشبابيك الخارجي، وإذا لم يتوافر خشب للشبابيك فاقفل الستائر، وتأكد من قفل الأبواب الخارجية، كما تجنب الاستحمام؛ لأن التوصيلات الصحية في الحمام يمكن أن توصل الشحنات الكهربائية من الصاعقة، كذلك اقفل جميع الأجهزة الكهربائية في المنزل مثل الكمبيوترات والمكيفات لأن الاندفاعات الكهربائية المفاجئة من البرق قد تسبب أضراراً جسيمة. أما إذا أردت استعمال التليفون فاستعمل التلفون الثابت للطوارئ، كما أن استعمال التليفونات المحمولة أو اللاسلكية آمن في الداخل فقط وغير آمن في الخارج، وأخيراً تابع الاستماع إلى أخبار الطقس باستعمال المذياع المزود بالبطاريات. وإذا كنت خارج المنزل فتجنب الوقوف بجانب أعمدة البرق الطبيعية مثل شجرة طويلة منعزلة في منطقة مفتوحة، وأعالي التلال، والحقول المفتوحة، والشاطئ أو ركوب قارب في الماء، والسقيفة المنعزلة أو أي هيكل صغير في المناطق المفتوحة، وكذلك أي شيء معدني مثل الحراثات أو الحصادات وكل المعدات الحقلية، وكذلك ابتعد عن ركوب الدراجات النارية أو الدراجة. أما خلال العاصفة الرعدية فلو كنت متواجداً في إحدى غابات عسير على سبيل المثال فابحث عن أي مأوى في منطقة منخفضة تحت غطاء نباتي كثيف من الأشجار الصغيرة. أما إذا كنت في منطقة مفتوحة مثل مزارع وحقول القصيم أو تبوك أو في شمال المملكة فاذهب إلى مكان منخفض مثل واد، لكن كن حذراً من الفيضانات السريعة المحدودة النطاق التي تجرف ما يقع أمامها (السيل القوي)؛ ولذلك ابق بعيداً عن بطون الأودية. وإذا كنت في البحر الأحمر أو في الخليج العربي تمارس الصيد أو كنت في نزهة بحرية فاذهب إلى الشاطئ دون تردد، وابحث عن مأوى في الحال، أما إذا كنت في أي مكان تشعر فيه بوقوف شعر رأسك، الذي يدل على أن البرق سوف يصعقك، فاجلس القرفصاء منخفضاً على الأرض، وضع يديك على أذنيك، ورأسك بين ركبتيك، واجعل نفسك أصغر هدف ممكن، ولا ترقد مسطحاً على الأرض. أما بعد العاصفة فإذا كان هناك مصابون فاطلب حالا 907 الهلال الأحمر طالباً المساعدة الطبية بأسرع ما يمكن. وللعلم ضحايا صواعق البرق عادة لا يحملون أي شحنات كهربائية؛ لذلك يجب إسعافهم في الحال ودون خوف. وحتى يحضر الهلال الأحمر وإذا كنت تساعد إحدى ضحايا البرق فهناك أشياء يجب فحصها والتأكد منها وعملها؛ فمثلاً لو توقف التنفس عن الضحية فابدأ حالاً عمل بعض الإسعافات الأولية، مثل التنفس له من الفم للفم، أما لو توقفت ضربات القلب فاستعمل طرق الإنعاش القلبية cpr، وهي عملية تدليك القلب من خلال الضغط المتوسط على الصدر باستخدام اليدين المضمومتين خمس عشرة مرة، ثم إعطاء المصاب نفسين ببطء خلال ثانية ونصف ثانية إلى ثانيتين، وإجراء أربع دورات كاملة، كل دورة تشمل خمس عشرة ضغطة صدرية ثم التأكد من وجود نبض من عدمه، وفي حالة عدم وجوده يتم تكرار العملية بتطبيق الضغطات الصدرية خمس عشرة مرة ثم نفسين للمصاب. أما لو أن الضحية له نبض ويتنفس فابحث عن أي جروح قد تكون حدثت له، وكذلك ابحث عن الحروق عندما دخل وخرج البرق من الجسم، وكن منتبهاً لو أن الجهاز العصبي متضرر، أو كان هناك عظام مكسورة، أو فقدان السمع والنظر. أنصح الجميع بأخذ دورات في الإسعاف؛ حتى يكون لدينا شعب واع مثقف؛ فقد تكون السبب في إنقاذ شخص عزيز عليك مثل أمك أو أبيك أو أحد إخوانك أو أقربائك أو جيرانك، أو مسلم من المسلمين، أو أحد أبناء حواء وآدم (راجعوا موقع الهلال الأحمر السعودي لمعرفة كيفية أخذ دورة إسعافية). * عضو لجنة الصحة والبيئة بمجلس الشورى