سمو ولي العهد يعود إلى أرض الوطن.. هذا العنوان الأهم في الصحافة ووسائل الإعلام العربية والدولية.. وهذا العنوان الذي كان يتوق إليه الجميع خلال الأشهر الماضية.. ونحمد الله أن سلطان بن عبدالعزيز قد عاد سالماً معافى بمشيئة الله تعالى.. سلطان بن عبدالعزيز اسم حفره أبناء هذا الشعب الوفي على صدورهم وتربى هذا الجيل على اسم وصورة سلطان أمير الإنسانية.. الأمير المحبوب الذي يعشق مساعدة الناس واحتواء همومهم وحل مشكلاتهم.. صاحب قلب عطوف وإنسانية شفافة إلى أقصى الحدود.. لقد ترك سلطان بن عبدالعزيز بصماته الإنسانية في كل القلوب، وعندما يشاهد أحدنا سموه وهو يحتضن طفلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة ويداعبه في الكلام ويجزل عليه في كل سبل الدعم التي يحتاجها هذا الطفل والتي لا يحتاجها، فإننا نقف تقديراً واحتراماً لهذا الإنسان، الإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ ومشاعر.. ولهذا فإن عودة سلطان بن عبدالعزيز هي استبشار جديد لمواقف إنسانية متجددة.. ولم يكن سلطان بن عبدالعزيز حتى وهو يعاني من المرض في نيويورك.. أو يستفيد من وقت للنقاهة في المغرب إلا متابعاً لكل الحالات الإنسانية التي تتطلب منه أن يدخل شريكاً فيها ملبياً لها مقدماً العون والدعم.. وهناك حالات نشرت وحالات أكثر لم تنشر تعكس هذا التوجه الأصيل في شخصية سلطان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-.. سلطان بن عبدالعزيز يعود وكأن فرداً عزيزاً وغالياً في كل أسرة يعود بعد رحلة علاج ونقاهة، يطل علينا سلطان وكأن فرداً منا أخاً أو أختاً أو ابناً أو ابنة يعود إلى أسرته بعد طول غياب.. ونستقبل هذا الغائب بحب وفرح وابتهاج منقطع النظير.. سلطان بن عبدالعزيز لم يكن غائبا خلال الثلاثة عشر شهراً الماضية وكان موجوداً في قلب الإنسان السعودي والعربي، حاضراً معنا في كل وقت.. كما أننا كنا مواطني هذا الشعب الوفي حاضرين في قلب سلطان بن عبدالعزيز، فلا ينفك يتابع ما يحدث على أرض الوطن ويتحمل مسؤولياته كاملة حتى وهو على سرير المرض أو في فترات النقاهة الطبية... سلطان بن عبدالعزيز يملك خبرات تراكمية هائلة عن شئون الدولة والحكم، فقد كان أميراً للرياض منذ أن كان عمره ستة عشر عاماً وتربى في كنف ومدرسة القائد المؤسس والد الجميع من أبناء وبنات هذا الوطن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- الذي أدار وقاد مرحلة التأسيس الكبرى لهذا الكيان السياسي العظيم.. نعم لقد تربى سلطان بن عبدالعزيز في مدرسة السياسة السعودية الأولى لوالده، وتتلمذ على يد كبار الشخصيات العلمية والدينية والسياسية في ذلك الوقت.. سلطان رجل الدولة والحكم كان ولا يزال في قلب الدولة والحكم منذ أكثر من ستين عاماً، تدرج في مسئوليات كثيرة ومتنوعة وبنى رؤيته على تجارب عميقة وخبرات متنوعة وقراءات للتاريخ وللسياسة العربية والدولية.. وقلما نجد شخصية ثرية في العالم العربي بهذا العمق الزمني والتاريخي للأحداث والمواقف.. سلطان يمتلك التاريخ والسياسة والحكمة والرؤية البعيدة.. لقد كان سلطان بن عبدالعزيز معايشاً للأحداث الكبرى في بلادنا وفي قلب مصنع القرارات السعودية ومؤثراً وداعماً لها، خلال فترات حكم والده الملك عبدالعزيز وحكم كل من الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد -يرحمهم الله-.. وكان المستشار الأمين والناصح المخلص لكل ما يخدم بلادنا ويدعم الصالح العام فيها.. وعندما تولى الملك عبدالله بن عبدالعزيز الحكم والقيادة كان ولا يزال سلطان ساعده الأمين وعضده الذي يعتمد عليه في كل صغيرة وكبيرة في شئون الحكم وإدارة الدولة.. سواء في أمور داخلية أو عربية أو دولية.. ويرتبطان ببعضهما في كل وقت ومكان.. سلطان بن عبدالعزيز صاحب موقف ورؤية تجاه الأحداث الدولية والعربية، ومن يتمعن في تصريحاته ومقابلاته الصحافية والإعلامية يجده دائماً في تعبير صريح ومباشر للتأييد والدفاع عن القضايا العربية والفلسطينية على وجه الخصوص.. وهو يضع مصالح بلاده والأمة العربية والإسلامية في مقدمة أي محادثات أو نقاشات مع الشخصيات والقيادات العالمية.. سلطان بن عبدالعزيز له شعبيته الكبيرة في الداخل والخارج، ويتسم دائماً بابتسامته التي يعرفها الجميع عنه في كل مكان.. وهذه الابتسامة المشرقة تعطي الدفء وتبني الحميمية مع كل من يلتقي سموه أو يشاهده على شاشات التلفزة.. سلطان الخير وسلطان الابتسامة وسلطان الإنسان.. لقد تعددت الألقاب والشخص واحد.. سلطان بن عبدالعزيز بذل كل ما يملكه في سبيل مد يد الخير والعون للمحتاجين، وأسس مؤسسة لا مثيل لها في العالم هي مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، التي استطاعت أن تبني مدينة متكاملة في الخدمات العلاجية والإنسانية هي مدينة سلطان بن عبدالعزيز، وهي أكبر مدينة طبية في العالم، وهي ثمرة من ثمار وجهود سموه الخيرية التي تنتشر في كل الأنحاء.. يعود سلطان بن عبدالعزيز إلى أرض الوطن وهو في قمة ابتهاجه وفرحه وسروره بأن يعود ليكمل مسيرة البناء والتطوير -إلى جانب أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- لهذه البلاد الغالية التي تربت على خدمة الإنسان المواطن والرفع من شأنه على كافة الأصعدة.. لقد تربى هذا الجيل كما الأجيال السابقة على خدمة كلمة التوحيد وإعلاء شأن الوطن في كل مكان وزمان.. يعود سلطان ليكمل هذه المسيرة التنموية الكبيرة التي يقودها ملك البلاد عبدالله بن عبدالعزيز وسنده الأيمن سلطان بن عبدالعزيز.. فحمداً لله على عودة سموه.. وهنيئاً للشعب السعودي بهذه العودة الميمونة.. المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود [email protected]