تواجه الكثير من النساء إشكالات في التعرف على مناسك الحج، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عندهن، في ظل غياب دور الدعوة النسائية، أو غياب الداعيات في الحج، وكذلك وجود حرج من النساء في توجيه الأسئلة للرجال.. كيف يُمكن توجيه عدد من النساء لتوعية أخواتهن في الحج.. وهل يُمكن أن يقوم الرجل الداعية مقام النساء الداعيات في هذا المجال؟ غياب العلم الشرعي في البداية تقول د. حصة الوايلي - مدير عام التوعية الإسلامية بوزارة التربية والتعليم: التساؤلات حول الحج وأحكامه وأركانه، وخصوصاً ما يخص النساء من أبواب الطهارة، وما ينقض الإحرام، وأسئلة تتكرر، حيث أصبحت هناك منافسة بين الحملات في استضافة النساء المجتهدات ونظراً لقلتهن أدى ذلك إلى استضافة نساء غير مؤهلات شرعياً، كما أن غالب النساء المجتهدات اللاتي يتم استضافتهن في الحملات ليس لديهن العلم الشرعي الكافي الذي يؤهلهن للقيام بالفتوى الشرعية، وبسبب ضعف العلم الشرعي لديهن يترتب على ذلك إصدار فتاوى متضاربة من غير استدلالات ونصوص شرعية مما يؤدي إلى التناقض والقلق عند النساء حيث نجد أن أمراً قد يباح في حملة ويحرم في حملة أخرى بدون أدلة ونصوص شرعية واضحة، إضافة إلى قيام بعض هؤلاء النساء بمسابقات ترفيهية مما يضيّع كثيراً من الأوقات، وقد يفسد الجو الروحاني لكثير من الحاجات، ولا شك في أن ذلك قد يؤدي إلى انتشار بعض المفاهيم والمعتقدات الخاطئة. وأوصت د. حصة الوايلي أصحاب الحملات بأن يكتفوا بالعلماء وطلاب العلم، مع إعداد مشرفات مؤهلات لحملات الحج، ويكون دور المشرفة هو نشر الوعي بين الحاجات والحث على استغلال الأوقات وأن تتجنب الفتوى بغير علم، وأن تحصر الأسئلة وتوضع في كتيب بجميع اللغات حتى تتمكن النساء من أداء فريضتهن بارتياح وطمأنينة. النساء أكثر فاعلية وتشير د. أحلام بنت محمد حكمي - وكيلة عمادة القبول والتسجيل شطر الطالبات بجامعة جازان . إلى أن المرأة عضو فاعل في هذا المجتمع تقوم بأدوارها كما رسمها لها التشريع الإسلامي من واجبات دينية واجتماعية وتوعوية وتربوية وسياسية وهي مكملة للرجل في هذا المجتمع وفقاً لتعاليم الدين الإسلامي ودورها بارز في جميع متطلبات الحياة، وحبذا لو توسع دورها في الوقت الحاضر أكثر مما كان عليه سابقاً نتيجة للتقدم التكنولوجي ووسائل الاتصال فدورها في التوعية بشروط وأركان الحج أثناء أداء الركن مهم جداً وذلك لعدد من الأسباب منها: 1- إن التوعية من قبل نفس الجنس يكون لها مردود إيجابي للنفس ويكون التقبل أكثر للمستقبل وهذا ما كان يقوم به الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع عائشة عندما تسأل النساء الرسول عن أمور دينهن عن طريق عائشة فكانت تستقبل عائشة رضي الله عنها أسئلة النساء ثم تعرضها على الرسول (صلى الله عليه وسلم) ثم توضح ذلك للنساء لأن ذلك فيه أكثر توضيحاً للأمور النسوية وفيه راحة نفسية وعملية تقبل أكثر. 2- تفعيل دورالمرأة المعلمة التوعوي في مختلف الأماكن المقدسة من مناسك الحج وذلك لكونها أصبحت متخصصة في هذا المجال وتقوم بهذا الدور في أوساط النساء حتى يكون التأثير أكثر قوة ووعياً لأن هناك أشياء خاصة بالنساء لا تستطيع المرأة فهمها إلا من نفس جنسها.. ونحمد الله أن جامعاتنا تخرِّج المتخصصات في الأمور الشرعية. 3 - دور التأثير المباشر عندما تكون التوعية من قبل نفس الجنس دون وسائط يكون التأثير أكثر وأكثر وتكون الملاحظة أسلوباً من أساليب التوعية.. أضرب مثالاً على ذلك عندما يكون بكل مخيم من مخيمات الحج امرأة متخصصة في أمور الدين تتولى عملية التوعية والإرشاد والتوجيه باستخدام الملاحظة للسلوكيات والوجدانيات أثناء عملية التطبيق لكان الناتج أفضل بكثير وأكثر تعديلاً للسلوك والتطبيق العملي لشروط وواجبات الحج. 4 - إعطاء المرأة الفرصة في الإسهام في التوعية وإيضاح أمور الدين الإسلامي أثناء الحج مهم جداً لأنه يترتب عليه التقبل والتطبيق لجميع النساء اللواتي يستمعن للتوعية ويكون فيه مشاركة وجدانية وسلوكية وتطبيقية من المرأة الداعية للمرأة المستهدفة أو من تحتاج إلى توضيح أمور دينها أثناء مناسك الحج. وتقترح د. أحلام الحكمي تفعيل دور المرأة في مجال التوعية بأمور الدين خلال مواسم الحج والعمرة وإشراك المرأة في عملية التوعية بأمور الدين وذلك بتخصيص وكالة في وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الحج، تتولى مهمة استقطاب المؤهلات المتخصصات في مجال الدين وأصوله والشريعة الإسلامية بكل تخصصاتها الفقهية والشرعية، واعتماد بند بوزارة الخدمة المدنية لتوظيف هؤلاء النسوة في هذا المجال، وإلزام كل المخيمات الخاصة بالحج والعمرة بتوفير العنصر النسائي في عملية التوعية بالتنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الحج، وكذلك تخصيص مكان مناسب في المخيمات النسوية للتوعية يقوم على إدارتها العنصر النسائي في جميع متطلباته، مع تحفيز المتخصصات في عملية التوعية أثناء مواسم الحج والعمرة وتشجيعهم معنوياً ومادياً إذا تطلب الأمر ذلك للمشاركة في التوعية لكون المرأة مرتبطة بأعمال الأسرة فعملية التحفيز تكون دافعاً للمشاركة. التدريب والتأهيل وتؤكد د. هدى بنت دليجان الدليجان - الأستاذ المشارك بقسم القرآن وعلومه بجامعة الملك فيصل بالأحساءعلى أهمية دور المرأة المسلمة لتوعية اخواتها . وتتابعت الجهود في التعريف بأهمية المرأة المسلمة ومكانتها في المجتمع، خصوصاً مع التنظيمات الحديثة لقوافل وفود الرحمن العالمية، والأعداد المليونية الهائلة التي تصل البقعة المباركة، وكان لا بد من تضافر الجهود المبذولة للحفاظ على هذا الخير الكثير والنسك الفريد وبلوغ الناس من نساء ورجال مقصدهم العظيم بتعليمهم مناسكهم، فكانت الأنظار - ولا تزال - تتطلع لمن يجيب فتواهم، ويحرك كوامن مشاعرهم في وقفات فريدة في البقاع الطاهرة، فكانت الحاجة ماسَّة لتعليم النساء والرجال أحكام الدين، واستثمار الأزمان الطاهرة لترقيق القلوب بزاد التقوى الجميل، ونظراً لكثرة الأعداد الوافدة للحج من النساء، وضرورة الاهتمام بإيصال رسالة الإسلام إليهن بكل وضوح وهدوء، فإن هذا يقتضي تأهيل مجموعة كبيرة من الداعيات الفضليات اللاتي قد آتاهن الله العلم والحكمة، ودرسن مناسك الحج ليكنَّ على بصيرة وعلم. تأهيل الداعيات وتضيف د. هدى الدليجان قائلة: من أجل هذا المقصد العظيم كان لا بد من الالتفات للدعوة النسائية في الحج، بتأهيل نساء داعيات لخدمة وافدات الرحمن، واستثمار هذه الأوقات المباركة والبقاع الطاهرة لتعليم النساء أمر مناسكهن، وتوجيه النساء اللاتي وفدن من آفاق العالم إلى الصورة الحسنة التي تتمتع بها المرأة الداعية في هذه البلاد المباركة، فبعض قوافل الحجاج التي تصل أرض هذا الوطن لا تعلم من أحكام الحج إلا رسمها، ومن حقوق المرأة المسلمة في هذا الوطن إلا الظلم والهوان، فلا بد من العمل الجاد لتأهيل صفوف من الداعيات المواطنات، وذلك باختيار مجموعة من الداعيات القدوة اللاتي لهن نصيب من العلم بمناسك الحج وأحكام المرأة المسلمة ليدعون إلى الله على بصيرة، وتدريب مجموعة من الداعيات على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، واللاتي لديهن القدرة على تبليغ الفتوى للمستفتية ومراعاة حالها، وإجابة الوافدات عن إشكالاتهن الفقهية والعلمية وغيرها بأسلوب سهل وواضح، والاهتمام بإتقان اللغات الأجنبية للوافدات إلى حج بيت الله الحرام، وتهيئة لكل وفد من وفود الرحمن داعيات يتقن لغتهن، مع أهمية تأهيل الداعيات بمهارات التواصل مع الآخرين والطرق الحسنة لتوجيه وافدات الرحمن في حرم بيت الله العتيق والبقاع الطاهرة، وإقامة ملتقيات دعوية للحوار مع المرأة المسلمة، والتعرف على الثقافات الأخرى وتبادل الأفكار النافعة للمرأة، ومحاربة الأفكار الهدامة كالإرهاب والفقر والبطالة والسحر والشعوذة، مع تهيئة أماكن مخصوصة للداعيات لتبليغ رسالة الحج، واختيار مجموعة من الداعيات لمناقشة أوضاع المرأة المسلمة في الحج، للتعرف على ثقافة المرأة المسلمة في بقاع العالم الأخرى، وتطوير الخدمات الدعوية المقدمة لوافدات الرحمن وطرق الإفادة منها. وخلصت إلى القول أن المرأة المسلمة قادرة على تبليغ الدعوة الصحيحة إلى مثيلاتها من نساء الأرض وذلك عندما يجمعهن هدف واحد وهو زاد التقوى، والحرص على نفع العباد، وتمثيل الوطن بالقدوة الحسنة. استفتاء علمي وتقول الداعية نائلة السلفي: إن الدعوة في الحج أمر بالمعروف, ونهي عن المنكر, وتعليم, وإرشاد وتوجيه, ووعظ، وتذكير, وهذا تمام الخيرية، وأرى أن المرأة مكلفة بدعوة بنات جنسها خصوصاً إذا تيسرت لها الاستطاعة والقدرة. حيث إن بعض أمور النساء يصعب الإفصاح عنها أمام الرجل فنحن بحاجة للمرأة الداعية العاملة للدين لأسباب منها: الجزاء والأجر سواء عند الله في العمل الصالح لقوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)، كما أن التكليف بالدعوة موجهة للمرأة خاصة قول الله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) إضافة إلى أن المرأة أكثر إدراكاً لخصوصيات النساء ومشكلاتهن وهي أقدر من الرجل في دعوة النساء، مع تأثر النساء بالمرأة الداعية في القول والعمل والسلوك أكثر من تأثرهن بالرجل، إضافة إلى الأريحية والحرية في التواصل والاتصال بالنساء فردياً وجماعياً، مع ملاحظة أن كثيراً من نساء المجتمع ينقصهن محرم يقوم بدعوتهن ووعظهن، فالضرورة تلزم وجود داعيات يقمن بدعوة النساء، كما أن المرأة تحمل الهمّ الدعوي بسبب تأثيرها في وعلى تربية الأجيال. فالرجل الداعية لا يقوم مقام الداعيات في دعوة النساء في الحج لأنه أكبر تجمع نسائي عالمي مختلف الثقافات والطبقات ويلزم إعداد فئة من النساء للعمل في التوعية في موسم الحج بوضع خطط تحقق الأهداف وتصحح المفاهيم وتزيل الإشكالات عند الحاجات. وتبيّن نائلة السلفي خطوات إعداد المرأة للتوعية في الحج، بالآتي: - عمل استفتاء لمعلمات العلوم الشرعية في جميع القطاعات الحكومية والخاصة وفي المستشفيات والمؤسسات الخيرية يتضمن التالي: الراغبات في الحج مع توفر المحرم، والراغبات في الحج ممن تقيم في مكةالمكرمة لعدم حاجتها للمحرم، مع إلزامها بحضور دورة توعوية تقام بإشراف الوزارة، والالتزام بتعهد كتابي في العمل أيام الحج بعد اجتياز الدورة، وتسليم المتدربة مذكرات توعوية يوضح لها سير العمل وخطة الدعوة في الحج، وتستلم جهاز (برافو) للاستفسار عن بعض ما يشكل عليها، وأن يكون مع كل داعية مساعدة للشد من أزرها والتعاون معها. - التواصل مع القطاعات المعنية بهذا الأمر في التعليم والصحة والحج ومؤسسات التحجيج الداخلية والخارجية. - أن تكون المتدربة ذات سمات شخصية مميزة أهمها: الصبر والاحتساب والابتسامة. - إلزام مؤسسات الحج بضرورة توفير إحدى المتدربات ضمن الحاجات التي حصلت على الدورة. - تقييم العمل أثناء الحج باستفتاء المستفيدات لنحصل على النتائج ونعرف ما نبني عليه خططنا المستقبلية. - استمرار عمل المتدربة بالحج لمدة عامين متتاليين وهذا حسب قدرتها وتوفر محرمها وإتاحة الفرصة لنا خلال العامين في إعداد المزيد من النساء للعمل في هذا الموسم الذي يحتاج إلى بذل وإيثار ومجاهدة وجهد وبالله التوفيق. - أن يقام تدريب النساء في جميع المناطق الرئيسة والمحافظات لتأثير المتدربة على بنات منطقتها. وترى نائلة أن تكون أيضاً في منافذ استقبال الحجاج وأثناء معاملة التأشيرات وتسجيل الجوازات وتسليم الحاجة بطاقة تحتوي على تعريف بنشاط التوعية النسائية بها خط ساخن نسائي للداعيات المعتمدات والمطوفات من النساء.. أو عبر إيميل خاص يصل عليه السؤال ويستقبل الرد على رقم جوال السائلة الخاص, لأن الإجابة خاصة بالسائلة, وبهذا نحافظ على السرية والخصوصية وعدم التعميم وننفع الجميع بحول الله، وبودي إعداد داعيات نسائيات في دولة الحاجة قبل الحج بشهرين على أقل تقدير من قبل الداعيات المعتمدات في بلادنا - دورات خارج الوطن - ، هذه طموحات ستتحقق بحول الله.