أيها الوطن العصي على الانكسار.. الأكبر من براثن الأعداء.. والأبقى والأنقى والأجمل والأروع.. باركتك السماء بأطهر بقعة في الأرض.. وحماك الله بما فيك من مقدساته ومن تاريخ يكلّله المجد وحليف هو النصر والعز، وبأبنائك الذين نذروا العمر لك حين قدَّموا حياتهم فداءً لترابك وأمنك. أيها الوطن المكلّل بضياء الصباح تاجاً يرصِّع جبينك بالنور والعسجد، يا وطن الشرفاء والمسلمين المؤمنين والصالحين الأتقياء، كلنا لك جند وفداء، يستشهد اليوم جندي من جنودك فترتفع روحه إلى السماوات العلى لتنبت بتربتك مئة سنبلة يروّيها دمه وألف ذكرى يحملها الأحبة من بعده له، وتاريخ وطن يسطره الشرفاء بالدم والبطولة والشهادة. وداعاً تركي القحطاني فإن موعدك الجنة وإن أهلك لفي جنة الوطن الذي يحيطهم بفيئه وأمنه وجلال ولاة أمره، إذا اشتاقك محبوك أتاهم وعد الله بأنك حي لأن الشهداء لا يموتون، بل أحياء عند ربهم يرزقون. هنيئاً لك بالشهادة وهنيئاً لهذه الأرض بأبطالها وسحقاً لكل من يحاول قلقلة أمنها وإشاعة الفوضى والفساد. * * * لعل ياسر عرفات الذي وافته المنية في مثل هذه الأيام البطل الرمز والأسطورة الحيَّة التي ستبقى ما بقي نبض في فلسطين وما بقيت ذاكرة. ياسر عرفات الذي تعوّد أن يسكن الوطن في نبض قلبه المبعثر في الأراضين، وفي شتات المنافي التي تعود سكناها قصراً إلى أن منحته الأيام سكنى رام الله حياً ثم شهيداً. لعل الفلسطينيين وهم يعيدون الذكرى لهذا الرجل الأسطورة يعيدون الصف الفلسطيني لسابق عهده، ويرقعون الفتق في قلب القضية التي لطالما بقيت أكبر من الجراح والتشريد والأهواء. كم من الوقت يلزم للنهوض ومراجعة الحسابات والإيقان بأن فلسطين هي الوطن الذي لا يرضى بالانقسام والأحزاب والطوائف، فلسطين الوطن والوعد وأمل العودة لكروم العنب وبيارات البرتقال ومراعي الشمس والبنفسج.. سنعود يوماً وتعود فلسطين والمحبة بين أركانها والأمل حليفاً لمن انتظره طويلاً. من آخر البحر ذهب صغيراً في موسم كنا نلعب فيه ونراقص كل فراش الحقل... في دنيا كنا نكتبها نرسمها كظلال الريح نخشاها ونعود لنلهو برفقتها أسراباً كطيور الفجر.. في عمر كنا نسبق فيه سنيَ العمر.. نبني بالحب قصوراً نسكنها وقلاعاً من رمل.. ننسج أحلام طفولتنا طوراً تأخذنا نحو البحر ونعود نقص عجائب رؤيانا عن سفن تتحدث عن حور البحر.. [email protected]