بروفيسور الاستشراق الإسرائيلي المحاضر بجامعة تل أبيب دان شيفتان، الذي كان يشرف على تدريب كبار القادة الإسرائيليين في الدبلوماسية والأمن، استهزأ بالعرب،وقال إنهم أكبر فشل في التاريخ الإنساني. ولا يوجد شعب فشل في تحقيق أهدافه مثل الجنس العربي. وأضاف بسخرية (بينما إسرائيل ترسل قمراً صناعياً إلى الفضاء يكون العرب قد اخترعوا نوعاً جديداً من الحمص).. تصريحات شيفتان أو شفطان أثارت جدلاً واسعاً خلال الأيام الثلاثة الماضية؛ باعتبارها تصريحات عنصرية ضد الشعب العربي والشعب الفلسطيني بشكل خاص؛ حيث قال إن الفلسطينيين هم أكثر شعوب الأرض بؤساً، ولم يستطيعوا أن يحققوا أهدافهم.. وبطبيعة الحال لم يشر إلى أن إسرائيل والعنصرية الإسرائيلية هي التي وقفت ضد تحقيقهم أهدافهم في بناء الدولة والمؤسسات التي تخدم شعبهم الفلسطيني.. البروفيسور الاستشراقي العنصري شيفتان هو الذي يشرف على صقل وبناء شخصيات أمنية وسياسية في المؤسسات الإسرائيلية؛ فهو يمثل خطورة كبيرة على توجيه الفكر والسياسات الإسرائيلية.. ومن تلك المحاضرات وورش العمل والدورات التدريبية التي يشرف عليها، باعتباره من كبار المتخصصين في الشؤون العربية الإسرائيلية، يستطيع أن يمرر ويصنع رسائله العنصرية المعادية للعرب والفلسطينيين إلى عقول شخصيات قيادية أو على وشك أن تتسلق مناصبها الإدارية في المؤسسات الأمنية والسياسية.. وبهذا تتحول مثل هذه الأفكار من مجرد أفكار إلى قناعات، إلى سياسات، وإلى برامج عمل.. ودان شيفتان كان المشرف على مركز دراسات الأمن القومي بمدرسة العلوم السياسية بجامعة حيفا.. وقد تأسس هذا المركز عام 2000م بواسطة أستاذ العلوم السياسية خريج جامعة برنستون جبريل بين دور، ثم خلفه الآن شيفتان مشرفا - بعد أن كان نائبا لسنوات - على المركز. ويقوم المركز بإعداد دراسات عن الأمن الوطني الإسرائيلي. ولا شك أن تربع شخصية مثل شيفتان على هذا المركز - بعدائيته المعروفة ضد العرب والفلسطينيين - سيجير هذا الفكر البحثي والمعلوماتي لصالح هذا العداء المتكرس في ذهنيته.. إضافة إلى أن نشر بحوث ودراسات في مؤسسات ودوريات علمية عالمية سيعكس الذهنية العنصرية التي يتبناها المركز.. كما أن هذا المركز بشكل خاص مبني على علاقات وثيقة مع جيش الدفاع الإسرائيلي على مر العقود والسنوات التي اشتهرت بها جامعة حيفا على وجه الخصوص.. والتحق ويلتحق بهذا المركز مئات من كبار الضباط الذين يتعلمون ويتدربون على فكر وممارسات ومفاهيم الأمن القومي الإسرائيلي.. ولربما ما يقوم به مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بجامعة حيفا أشبه بما تقوم به مؤسسة راند الأمريكية من تحالف مع وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون من شراكات في موضوعات حيوية وبناء مشروعات لسياسات جديدة تهم السياسات الدفاعية والأمنية والعلاقات الخارجية.. ونعود إلى حديث دان شافتان عن مقارنته بين العرب والإسرائيليين، وكأنه يتحدث عن واقع البحث العلمي ودراسات الصناعة والتقنية وتطور الصناعة في إسرائيل مقابل تخلفها في المنطقة العربية، وخاصة ما يتعلق منها بالفضاء والتقنيات الصناعية.. والإيجابي في مثل هذه التصريحات هو أنها تضع النقاط على الحروف فيما يخص مقارنات بين العالم العربي وإسرائيل.. ويجب أن نعترف بأن ما قاله شيفتان صحيح في هذا الجانب.. فصناعة التقنية في إسرائيل متقدمة كثيراً على نظيرتها العربية.. فلو قارنا نسبة ما يقدم من دعم للبحث العلمي في الدول العربية مجتمعة فلن يزيد على 0.3%، أي بما يساوي ثلاثة ريالات من كل ألف ريال من مجمل الدخل القومي، وبما يوازي خمسين ريالاً لكل ألف ريال في إسرائيل (مع استثناء البحوث في القطاعات الدفاعية).. ولو أضيفت إليها لارتفعت النسبة بشكل أكبر.. ونسبة الصرف العربي على البحوث نسبة متدنية جداً إذا قورنت مع الدول العظمي، أو حتى إسرائيل.. وأعتقد أن النسبة في المملكة تقل عن دول مثل مصر والأردن والمغرب.. وتتساوى المملكة مع سوريا ولبنان في نفس النسبة تقريباً.. كما أن نسبة مشاركة القطاع الخاص في دعم البحث العلمي أقل بكثير؛ حيث إن معظم الاعتماد هو على ميزانيات الحكومات.. وقد قدرت اليونسكو عام 2007م مصروفات البحث والتطوير في جميع دول العالم العربي بقيمة 4.7 مليار دولار، بينما هي 8.8 مليار في إسرائيل وحدها.. ويجب أن نعلم - وهذه معلومة إضافية - أن مصاريف البحث العلمي التي تحسب في الدول العربية يدخل من ضمنها رواتب الكوادر الإدارية والبحثية، وبهذا يكون الصرف الحقيقي على البحث العلمي جمعاً وتحليلاً وتطبيقاً هو أقل بكثير مما نسمعه من أرقام وإحصاءات في عالمنا العربي.. وأخيرا، نحن لا شك مستاؤون مما قاله شيفتان عن العرب؛ حيث وضعه بسخرية تبين عنصريته المقيتة، ولكن يجب أن نفكر في واقع الأمر وبموضوعية عن تبعات مثل هذه التصريحات على واقع المعرفة والبحث في العالم العربي.. فنحن متأخرون كثيراً في صناعة المعرفة وتوظيف البحث في الصناعات بشكل عام.. وإسرائيل متقدمة كثيراً في هذا الجانب.. نحن يجب أن نتفق على ذلك، ولكن الطريقة التي وضع بها هذه العبارات هي التي يجب أن نتوقف عندها، ونتعرف أكثر وبالأدلة على العقلية العنصرية التي تسعى إلى تطبيقات سياسية وأمنية على أرض الواقع في العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي أو الشعب الفلسطيني... المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود [email protected]