لم يتبق من غابة كولا هذه الأيام سوى اسمها من الناحية الفعلية فقد ازيلت معظم الأشجار ليبدأ العمل في أول طريق سريع من ثمانية ممرات في إسرائيل. ويمر الطريق السريع وسط الغابة ليبدو كما لو كان ندبة كبيرة رمادية اللون. ويهدف الطريق السريع الدائري او شارع 6 كما يطلق عليه الى حل أزمة الشوارع الإسرائيلية التي تعاني من تزايد اعداد السيارات اذ سيمتد على مساحة 180 كيلومترا من الجليل في الشمال الى صحراء النقب في الجنوب عندما ينتهي العمل به في موعد لم يحدد بعد, ومن المقرر ان ينتهي العمل في أول 90 كيلومترا بحلول عام 2002م. ولكن الطريق السريع المعتزم أثار غضب كثيرين اذ يعارضه أكثر من 50 من أعضاء البرلمان المؤلف من 120 عضوا وكذلك سكان ثماني قرى عربية سيخسرون أراضيهم. ووحد عرب اسرائيل الذين سيتأثرون بشق الطريق جهودهم مع بقية معارضي شق الطريق, ويجلس ابو زياد (68 عاما) عند خيمة تظهر من ورائها مئذنة مسجد قرية كفر برا وهو يتأمل حقله الذي كان ينتج الخضر من قبل ولكن الآن تخرج منه الجرافات,ورفض ابو زياد اتفاقا عرضته إسرائيل بمنحه 12 ألف دولار مقابل كل ربع فدان لتعويضه عن خسارة 4,5 فدان من الأراضي المتوارثة في عائلته منذ 300 عام. ويقول: هذه الأرض هي الأمان لأبنائي,, انها مستقبلهم لست بحاجة الى المال اريد أرضا مقابل أرض. ووافق بعض ملاك الأراضي وبينهم مزارعون عرب من قرية كفر قاسم على قبول التعويضات ولكن محمد أسعد وتد من قرية جيت القريبة غير مستعد للتفاوض. ويقول: 60 في المائة من سكان قريتي يعملون بالزراعة وليس لديهم مصدر رزق آخر,, لا نريد المال ولا نريد اراضي ولكننا نريد وقف هذا الطريق, ولا يقتصر معارضو الطريق على عرب إسرائيل فحسب وانما امتد الى المدافعين عن البيئة الذين يقولون ان تلوث المياه والهواء المحمل بالأدخنة والتلوث السمعي من بعض المشاكل التي سسيفر عنها الطريق اذا مضى المشروع قدما. ويصف المنتقدون الذين يحثون على مزيد من الاستثمارات في مجال النقل العام والسكك الحديدية المشروع الذي ستبلغ تكاليفه 1,2 مليار دولار بأنه كارثة بيئية ومالية وإنسانية محتملة. وأوضح جاري جينسبرج من وزارة الصحة في بحث اجراه عن آثار شق الطريق ان عدد القتلى سيزداد من 300 الى أكثر من ألف اذ شق شارع 6 من جراء تزايد اعداد السيارات وارتفاع معدلات السرعة على الطرق الفرعية. اما يائيل كوهين (26 عاما) والتي أجلت متابعة التحضير لدرجة الماجستير في الفيزياء لكي تكرس نفسها تماما لجهود وقف شق الطريق امر مروع ما يفعلونه,, أنهم يغيرون وجه اسرائيل للأسوأ ولا يكترثون , والطرق في اسرائيل مكتظة مقارنة بالعديد من الدول الأوروبية، ومن المتوقع ان تزداد اعداد السيارات من 1,6 مليون سيارة اليوم الى ثلاثة ملايين سيارة بحلول عام 2020, وتفوق كثافة السيارات في إسرائيل بواقع 90 سيارة في الكيلومتر الواحد المعدلات في العديد من الدول الغربية. ولم يتبق الآن من غابة كوا سوى شجرة وحيدة من أشجار الخروب وأخرى من أشجار الرمان لانهما تحظيان بحماية القانون إلا انهما في انتظار نقلهما الى منطقة أخرى. وتقول كوهين ان المحتجيهن تمكنوا من وقف العمل بضع ساعات مما سبب خسائر مالية لكونسورتيوم ديريتش ايريتز الذي ترأسه شركة الطرق السريعة الكندية والذي فاز بعقد شق الطريق عام 1998, ولكن المحتجين لم يتمكنوا من وقف المشروع. ويواجه المعارضون معركة شاقة ويقول وزير المالية ابراهام شوحاط ان إسرائيل لا يمكن ان تتراجع عن عقدها, ولا يهتم الإسرائيليون الذين تشغلهم قضايا الأمن القومي بالتجاوب سريعا مع القضايا البيئية, ولكن كوهين تأمل ان يتمكنوا من وقف المشروع وتقول: انها معركة يجب ألا نخسرها.