لقد آلمنا أشد الألم والأسى ما سمعناه وشاهدنا من العملية الآثمة الغادرة بمحاولة قتل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية - حفظه الله ورعاه- وذلك في شهر الله الحرام المبارك شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن والذي تتنزل فيه الرحمات ويرجوا فيه العبد الغفران فكيف بسفك الدماء وترويع الآمنين وقتل النفس التي حرم الله عز وجل، وذلك في يوم الخميس السادس من شهر رمضان المبارك، وسوف أقف أمام هذه العملية الإرهابية بمواقف منها: 1 - أن الله عز وجل تكفل بحفظ الأمير من يد الغادر الذي أمنه الأمير لكن ذلك الخائن رد الله كيده في نحره فكان جزاؤه الهلاك، ولا ريب أن نجاة الأمير فيه دلالة عظيمة على تفضل الله على الأمير وكذلك تحقيق الأمير لقوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم (احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك). 2 - شؤم الغدر ونهاية الخائن، فلقد أهلك الله عز وجل ذلك المجرم ولم يصب أحد إلا ذلك الإرهابي، وكما قال تعالى: (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) (سورة الأنفال 27). 3 - قتله لنفسه ومعلوم جرم وشناعة قتل النفس فالله عز وجل يقول في محكم كتابه: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا) (سورة النساء 29-30). 4 - الحزم والشدة مع هؤلاء الخوارج والإرهابيين الذين تجرأوا على المحرمات، فملمسهم ملمس الأفاعي وسمهم زعاف قاتل، ويتبين ذلك في كلام المنتحر الهالك (عسى الله ييسر الأمور، ونسأل الله عز وجل أن يتمم، ومتفائلين أن رمضان هذا يكون يعني بيكون نقلة، يعني نسأل الله أن يتممها على خير)، فكان الوضوح في الكلام من الأمير والغموض في كلام المنتحر حتى دل على إصرارهم على الجريمة. 5 - إن ذلك الفكر خارجي لفظ وعقيدة ففعله فعل الخوارج وتغذيتهم بذلك الفكر الضال من خارج البلاد (اليمن) مقر القاعدة الجديد حسب تأكيد زعمائها وبخاصة فكر التكفير والهجرة وبقية الجماعات الضالة، وغياب الرقابة الأمنية عنهم في الجبال والمفازات والكهوف في تلك البلاد الأجنبية، وبخاصة بعد ضعف تنظيم القاعدة وتضييق الخناق عليه في العراق وهرب عدد من كوادره لبلاد أخرى، مما يدعون لانتهاج استراتيجية أمنية قوية ضد عناصر تلك الجماعات وطرقهم الملتوية سواء بوسائل الاتصال الحديثة أو غسيل الأموال وبخاصة استغلال مواسم رمضان والحج لجمع التبرعات لتلك الجماعات الإرهابية بأسماء متنوعة للتمويه، واستخدام العنصر النسائي في تنظيمهم وكذلك تواتر الأنباء عن ارتدائهم للباس العسكري السعودي وسيارات أمنية سعودية للتمويه، أو استعطاف الجانب الديني (الفطري لدى المسلم) وتحويله ليد شر على الإسلام والمسلمين، ولقد حذرت في مقال سابق من التهاون مع الإرهاب والإرهابيين والأخذ عليهم بيد من حديد وبخاصة رؤوسهم المنظرة وأصحاب الأموال المغذية لهم، وأن الإرهاب لا دين له ولا جنسية ولا عقل، وعد الاعتماد على النية الطيبة معهم، فهؤلاء يغررون بشبابنا وبعقيدتهم وأمن الإسلام والمسلمين، سواء جماعات وافدة أو حركات سرية ويكفي في ذلك موقف الملك عبدالعزيز رحمه الله بمنعه لفتح مقار لإحدى الجماعات في السعودية وكذلك منع مفتي عام المملكة الأسبق محمد بن إبراهيم رحمه الله لإعانة إحدى الجماعات أو السماح لها بالعمل في السعودية، ولا يعني هذا فشل تجربة المناصحة الفكرية بل ثبت نجاحها ورجوع المئات عن الفكر الضال، ولكن المشكلة في زعماء القاعدة ومنظريها، الذين حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم دعاة على أبواب جهنم من أجابوه قذفوه فيها وبأنهم كلاب النار. 6 - تدرج محاولات القاعدة في استهداف دولة الإسلام والمسلمين ولاشك أن الدور القادم أخطر في فكر القاعدة وأشنع وبخاصة بعد تصريحاتهم الأخيرة في منتدياتهم ومواقعهم الإلكترونية وبخاصة أنهم صاروا يفاخرون ويدعون لأعمال مماثلة بدعم من تلك الجماعات الإرهابية واستغلال صغار السن لغسل أفكارهم وجعلهم كالآلة لتدمير المسلمين ودولة الإسلام وقد أكد ذلك صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله: (نحن في هذه البلاد مستهدفون ويجب أن لا نقول انتهينا من هؤلاء، الأمور قد تتغير وقد تزيد أكثر لا أقصد من حيث الكم ولكن من حيث النوع وهو الأخطر)أ.ه. فالمعركة ضد الإرهاب والإرهابيين تستدعي موقفا جماعيا من الدولة والمواطنين والعلماء والمفكرين ومؤسسات التربية للتكاتف ضد هؤلاء الإرهابيين وفكرهم الضال وتحصين شبابنا ضد فكرهم المنحرف، وليس مجرد التنديد والشجب لتلك الحادثة الخطيرة بل استلهام العبر والدروس منها حماية للودن أولا ثم حماية للوطن وأمنه واستقراره لأن من استهدف الأمير لم يقصده بذاته بل قصد تدمير جهوده البناءة والكبيرة لحماية الدين والمجتمع وأبنائه من يد المجرمين والإرهابيين الذين دمروا وأفسدوا في الأرض وعاثوا خلال الديار، حفظ الله ديننا ووطننا وولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه- وولي عهده الأمين الأمير سلطان الخير أعاده الله لأرض الوطن غانماً معافى، ولسمو النائب الثاني وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - ، وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود حفظ الله ورعاه نائب وزير الداخلية، والتهنئة الخالصة لسمو المساعد للشؤون الأمنية محمد بن نايف آل سعود حفظه الله ورعاه، ونقول له حمداً لله على سلامتك ولتهنئ بالمحبة الشعبية والوطنيين الأشراف وحفظ وطننا وأمنه واستقراره ودحر الإرهاب والإرهابيين.