علق الشارع الحكيم وقت أداء عبادة الصوم على أمر يعرفه كل الناس وهو رؤية الهلال أو إكمال العدة لشهر شعبان ثلاثين يوما وهذه الرؤية المقصود بها الرؤية البصرية وليست الرؤية العلمية فعلى هذا فإن المعتمد هو الرؤية بالعين ولو كانت عبر الوسائل الحديثة كالمناظير وغيرها أما الحساب فلا يعول عليه للآتي: 1- أن النبي صلى الله عليه وسلم حصر أمر الصوم برؤية الهلال أو إكمال العدة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) متفق عليه. 2- إن تعليق هذا الأمر بالرؤية يتفق مع مقاصد الشريعة وسماحتها ورفعها للحرج فيستوي في معرفة وقت العبادة العالم والجاهل وأهل المدن والبوادي بخلاف ما لو علق الحكم بالحساب فإنه خلاف مقاصد الشريعة وسماحتها ويوقع الناس في الحرج لأن أغلب الأمة لا يعرفون الحساب وأهل الحساب يصيبون ويخطئون وأما مع الرؤية فينتفي هذا الحرج لأن الأمر معلق على أمر مشاهد لا لبس فيه كوجوب صلاة المغرب بغروب الشمس. 3- إن علماء الأمة في صدر الإسلام أجمعوا على اعتبار الرؤية في إثبات الشهور القمرية دون الحساب، وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إجماع أهل العلم على أنه لا يجوز الاعتماد على الحساب في إثبات الأهلة أما أهل الحساب فإجماعهم ليس بحجة تعارض بها الأدلة الشرعية لأنهم ليسوا معصومين وقد سلكوا في إثبات دخول رمضان طريقاً لم يشرعه الله ورسوله أما من عمل بالرؤية الشرعية فقد سلك الطريق الذي شرعه الله ورسوله ولو أخطأ في إثبات الهلال دخولاً أو خروجاً فلا حرج عليه بل هو مأجور لأنه اعتمد على ما أمر الله به ورسوله أما لو ترك ذلك من أجل أقوال أهل الفلك والحساب فإنه يأثم لمخالفته أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) متفق عليه وهذه أوامر والأصل في الأمر الوجوب كما هو معلوم عند أهل العلم، وقد جاءت الأدلة الشرعية بالتحذير من مخالفة أمر الله ورسوله كما في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}والرؤية المعتبرة شرعاً هي رؤية الهلال بعد غروب الشمس ليلة الثلاثين من شعبان أو إكمال العدة ويكفي في إثبات دخول رمضان شهادة رجل واحد عدل احتياطا للعبادة ولما ثبت عن ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إني رأيت الهلال قال: أتشهد أن لا إله إلا الله، أتشهد أن محمداً رسول الله قال: نعم قال: يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غداً (أما إثبات خروج رمضان وهكذا بقية الشهور دخولا وخروجا فلا بد من شاهدي عدل لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا) أخرجه أحمد والنسائي. ومن رأى الهلال وحده فلا يصوم ولا يفطر برؤيته بل هو تبع للناس لحديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون). أخرجه الترمذي وأبوداود. نسأل الله تعالى أن يرزقنا بلوغ هذا الشهر الكريم وصيامه وقيامه إيماناً واحتساباً إنه سميع مجيب. عضو الجمعية الفقهية السعودية