يسير الإنسان في حياته بطريق يبدأ من ميلاده وينتهي بوفاته، وهو في هذه الرحلة يسير لغاية تتطلب منه أن يتيقن بأن الله سبحانه وتعالى لم يخلقه عبثاً وإنما خلقه لحكم بالغة، ومصالح راجحة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها والله تعالى يقول: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} وإن من أجّل الغايات من الخلق العبادة والتقرب إليه سبحانه، وهي تلك الغاية السامية التي يتجلى فيها الفرق بين الإنسان وما سواه ولله سبحانه في خلق الإنسان لذلك الغرض وتلك الغاية السامية حكم أخرى كثيرة، منها: ابتلاء أخيارهم، وإظهار أبرارهم من أشرارهم، فمن عمل لما خلق له فهو من الأبرار ومن أعرض عما خلق له فهو من الأشرار. وإن الإنسان في هذه الرحلة مطالب بشكل دائم للوقوف على حاله ومحاسبة نفسه ومعرفة موقعه هل هو في طريق الخير؟ أم في طريق الشر؟ مع السعي الحثيث للتقرب من مواقع الأبرار وأن ينأى بنفسه عن مواقع الأشرار. وإن مما ينبغي للإنسان محاسبة نفسه فيها هذه الأيام (الإجازة) أداء المسؤولية هل أداها في موقعها؟ ومن ذلك مسؤولية العمل المكلف به، ومسؤولية الأبناء المتفرغين، ومسؤولية صلة الرحم، ومسؤولية الترفيه البريء عن الأسرة....الخ. ولكل مسؤولية من هذه أطر وخطوط ينبغي أن يضعها لنفسه بالرجوع للشرع المطهر الذي أنصف بالحقوق ووزعها بين العباد ومن ثم عليه أن يوطن نفسه على مراعاة هذه الأطر والخطوط بالوقوف بدقة مع نفسه فيها ليراجعها هل طبقت هذه المعايير أم تجاهلتها؟! وفي حال أنها تجاهلتها ما نسبة هذا التجاهل؟! ليكون حكمه على ذاته منطقياً وليسّلم بوقوع التفريط عبر رؤيته لذاته. وإن التسليم بوجود الخطأ هو مفتاح العلاج والعودة للطريق الصحيح، وليس هناك علاج ما لم يستشعر الإنسان الخلل، واستشعار الخلل يعتمد على مدى تعزيز الدفاعات الداخلية الذاتية ضد الانجراف وراء الشهوات والملذات ومسوغات الزلل. والقيام بصيانتها بشكل متكرر ودائم من خلال إنزال معايير الشرع المطهر عليها لكي نصل لمرحلة العدالة مع الذات بالمرحلة الأولى والعدالة مع الآخرين بشكل نهائي، وأن وقعنا في الزلل لا قد الله بالتقصير في مسؤولية (ما) لا نقف موقف المتفرج والمعاند والمكابر بل نقف موقف المبادر للعلاج.