شد انتباهي دراسة حديثة غير علمية لمجلة فوربز الأمريكية المتخصصة حول الخصائص التي تجمع البليونيرات والناجحين في مجال الأعمال؛ حيث قامت المجلة بعمل تجميع للمؤشرات والخصائص المشتركة بين الناجحين في مجال الأعمال وظهرت بمجموعة من المؤشرات والخصائص تستحق الوقوف عندها. مقال اليوم لن أركزه على عرض لتلك الخصائص؛ لأنها موجودة بموقع مجلة فوربز، ويمكن الاطلاع عليها، ولكن ما شدني هو نقطتان يستحق الوقوف عندهما لمحو الاعتقاد الخاطئ لدى البعض هنا في المنطقة، وخصوصاً ناحية التركيز على الشكل دون المضمون. أبرز الخصائص المثيرة للانتباه التي أفرزتها دراسة فوربز غير (العلمية) هي أن أغلب البليونيرات الأمريكيين من الناجحين في مجال الأعمال، وخصوصاً في المجالات الأكثر تعقيدا كمجال تقنية المعلومات والصناعات التقنية، كانوا إما من الذين لم يكملوا دراستهم الجامعية أو من الذين تركوا الدراسة بعد تخرجهم من الثانوية العامة مباشرة كأغنى رجل في العالم ومؤسس مايكروسوفت بيل جيتس وستيف جوبز مؤسس أبل ماكينتوش ومايكل ديل مؤسس شركة دل، وغيرهم الكثير. الحقيقة أن توقفي عند هذا الموضوع ليس لأني لم أعرفه بالسابق، ولكن لأني وجدت أنه مثير للتساؤل؛ فكيف لهؤلاء أن يصلوا إلى هذا المستوى من التأثير العالمي في مجال يعتبر من المجالات المعقدة نوعاً ما وهم لم يحصلوا على الشهادات الجامعية المتخصصة، ولكني تداركت نفسي وقلت إن النجاح لا تحدده جامعة أو كلية أو نظام تعليم؛ فهو بذرة في شخصية الإنسان تصقله تجارب الحياة وتعززه البيئة المحيطة، وقد تحسنه الزيادة في الدراسة، ولكنها بالتأكيد لا تصنعه. اطلاعي على هذه الدراسة لفوربز جعلني (أكثر) ميلا من ذي قبل إلى تقييم الأشخاص بناء على مضمونهم لا الشكليات التي يحملونها رغم أني كذلك. ما أثار انتباهي أيضاً ودفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو أنها رسالة موجهة للشباب السعودي لكي يأخذوا منها العبر؛ فالنجاح ليس له حدود أو وصفة واحدة، اعرف تمام المعرفة أن في قطاعنا الخاص الكثير من رجال الأعمال والقياديين الناجحين جدا الذين لم يكملوا دراستهم الجامعية أو من قليلي التحصيل العلمي، ولكنهم يعتبرون من أعمدة الاقتصاد والشركات التي يعملون بها؛ فليت أصحاب الشهادات العليا يوقفون تلك الحجج الواهية وتندرهم بالناجحين، وخصوصا من التنفيذيين، لا لشيء إلا لأنهم لا يحملون شهادات جامعية مثل التي لديهم؛ فالقطاع الخاص ديدنه الأداء والنتائج وليس الشهادات. كنت مع أحد رؤساء الشركات السعودية، وهو من إحدى الجنسيات الأوروبية، ودار حديث معه حول العديد من المرشحين للوظائف التنفيذية لديه، وعندما أتت نقطة المستوى التعليمي قال إنه يفضل أشخاصا جامعيين متخصصين، ولكنه يرى أنه إذا كان يجب عليه أن يختار بين الشهادات والنياشين أو الخبرة والقيادة، فسوف يختار الأخيرتين حتى لو لم يكن الشخص من ذوي التأهيل الجامعي. بيت القصيد أنه من وجهة نظر رئيس الشركة فإن الخبرة والممارسة والمسؤولية والقيادة والنتائج أهم بكثير من الشهادات العلمية (الشكلية).. وعجبت عندما ذكر أنه شخصيا لا يحمل إلا الثانوية العامة، ووصل إلى ثاني أكبر منصب في إحدى أكبر الشركات العالمية، وهو الآن في المنصب الأول في الشركة بالسعودية، وليت شبابنا وخصوصا من الذين لم يكملوا دراستهم الجامعية يأخذون القدوة والدرس بأن النجاح ليس له وصفة واحدة وأنهم يمكن أن يصلوا إلى قمم النجاح إذا ما أرادوا وعقدوا العزم. استفسارات ما مقدار الإضافة النوعية لشهادة MBA للمستقبل الوظيفي للتنفيذيين؟ وهل عدم الحصول عليها يعتبر عائقاً للتقدم الوظيفي؟ (سعيد القحطاني - الرياض). - شهادة الماجستير في إدارة الأعمال تعتبر أهم شهادة ماجستير على الإطلاق، خصوصاً لمن يرغب في العمل بالقطاع الخاص، ويصل إلى أعلى المراتب التنفيذية فيه؛ فهي تعطي الشخص أياً كان تأهيله الجامعي الأدوات الضرورية اللازمة في المجالات الحيوية اللازمة لإدارة وتوجيه الشركات؛ فهي تعطي دارسها العمق اللازم في النواحي المالية والمحاسبية والاستثمارية وإدارة الموارد البشرية والتسويق والقيادة وغيرها من فروع علم إدارة الأعمال. كل هذه النواحي من أساسيات عمل الإدارات العليا للشركات؛ ولذلك تجد أن مثل تخصص MBA يحرص عليه الكثير من الذين يحملون الدرجات الجامعية في مجالات بعيدة عن إدارة الأعمال كالأطباء والمهندسين والإعلاميين إذا ما هدف هؤلاء إلى إقران الدراسة الفنية والتقنية والتطبيقية بمجال إدارة الأعمال أيضا. أما عن سؤالك هل عدم الحصول عليها يعتبر عائقا للترقي للوظائف التنفيذية فالجواب لا؛ لأن هناك الكثير من القياديين الناجحين لا يحملون مثل هذه الشهادة، ولكني أجزم بأن هؤلاء لو سنحت لهم الفرصة وحصلوا عليها سيكونون بالتأكيد أميز مما هم عليه. عندما تستعرض السيرة الذاتية لمرشح ما، هل تضع الأولوية للشهادات العملية أم للخبرات العملية؟ وأيهما تعطي الأفضلية عندما لا يتوافر إلا أحدهما؟ ( أحمد الشريف - الرياض) سؤال مهم، وبالنسبة لنا كمتخصصين فإننا نعطي قيمة أكبر وأهم لنوعية الخبرة وجودتها ومدتها وتصاعد المسؤوليات وتركيزها بشكل أكبر من التعليم، ولكن التعليم أيضاً على قدر كبير من الأهمية؛ ولذا يجب ألا يركن الشخص فقط إلى خبرته إذا ما كانت لديه الفرصة للاستزادة علميا، وأعتقد أن إكمال مرحلة البكالوريوس هو المؤهل المطلوب جامعياً، وما زاد عنه يعتبر كمالياً ومفيداً في عدد من الحالات وليس أساسيا في حالات كثيرة. وقفات * آمل ألا يُفهم من مقالي أنه دعوة للشباب إلى عدم أهمية التحصيل العلمي الجامعي المتخصص؛ فالحقيقة تقول إن الشخص إذا ما حرمته الظروف من إكمال دراسته الجامعية أياً كانت هذه الظروف بما فيها عدم تناسبها وقناعاته الشخصية كما في حالة بيل غيتس أو رفيق الحريري وغيرهم فيجب ألا يثنيه ترك الدراسة عن تحقيق الطموح والنجاح والتميز. * آمل أن تنظر الجهات المسؤولة في فتح باب الابتعاث الداخلي وخصوصاً في جامعاتنا الأهلية للشباب الطامح إلى التحصيل العلمي سواء من خريجي الثانوية الجدد أو من الموظفين الراغبين في مواصلة الدراسة، وألا تبقى برامج الابتعاث الخارجي هي الوسيلة الوحيدة لهم لأنها بالتأكيد لن تكفي الأعداد الكبيرة من جهة، ولن تناسب ظروف الكثير من جهة أخرى وخصوصا البنات. * آمل أن نسمع من التنفيذيين آراءهم ووجهات نظرهم من خلال المشاركة بالكتابة في هذا الملحق؛ فهذا الملحق من التنفيذيين وإليهم بمن فيهم التنفيذيات. ترسل الأسئلة إلى [email protected]