لعل هذه مشاركة متواضعة مني سطرتها دموعي قبل قلمي، لأبطال كان لهم صدى في الملاعب ثم خفت نجمهم، هذه اللحظات استضافتني في ملوحتها ألمتني، أبكتني، حين بثتْ إحدى القنوات حوارا مع أحد لاعبي كرة القدم المعتزلين. وقد طرح عليه المذيع سؤالاً مؤثراً حين سأله: عن سبب غيابه.. كنت حينها بين أثباج من الأفكار التي تتصارع في ذاكرتي أفكر مادة الإنجليزي الذي سيهل ضيفنا علينا الأسبوع المقبل، وإذا بكلمات اللاعب، تقطع حبل أفكاري، توقظني، ترغمني أن أتابع كلماته المقتضبة التي اتشحت بالوجع والألم. انتصبت في جلستي شحذت كلّ حواسي واستمعت على كلماته المغلفة بالأنين علمت من خلال الحوار المقتضب بأنه اعتزل الملاعب. ليس هذا ما أريد طرحه في وقفتي هذه المؤلمة بل هؤلاء اللاعبين كانوا تحت الأضواء في يوم ما مثل الفنان، وكان يشار إليهم بالبنان. وفجأة بعد الاعتزال ينُسون مثل أي شيء يمر في حياة الإنسان ويطويه النسيان بعد المجد والشهرة. هؤلاء المنسيون كانت لهم صولات وجولات في صدى الملاعب أصبحوا يعيشون على هامش الحياة ليس لهم دخل يعيشون منه.. وقلت في خُلدي: إذاً الكرة ليس لها أمان مثل مهنة الفن فكثيراً ما ألقت بفنانيها في قارعات الطريق، وأصبحوا بلا مأوى أو أنيس فهل هذا جزاء العطاء والتفاني فيما نحب؟ لماذا حين يعتزل اللاعب ويتوقف عن العطاء لا يكون له مورد ليحيا منه؟ أو يخصص له النادي الذي كان ينتمي إليه راتباً شهرياً. وقد علمت أن هناك الكثير من اللاعبين يعيشون الأسى لضيق ذات اليد لأن ليس لهم دخل آخر. ما قطع نياط قلبي حين كرر عليه المذيع السؤال: أجاب بخفر مررت بظروف قاهرة، ولكن الحمد لله. كنت أقرأ الألم والمعاناة في وجهه الذي لم يقرأه إلا القلة القليلة الذي يعاني مثل معاناته. من لهؤلاء بعد الله، بعد أن خفت نجمهم وعطاؤهم، وأصبحوا في عِداد المنسيين يقتاتون الضجر بين جُدر صامتة باردة. فهل أدركتهم يد حانية من سمو الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب ليزيح عنهم مرّ الحاجة، بعد عطائهم المشهود، في الملاعب وأصبحوا في أمس الحاجة إلى من يسمع صوتهم، ويلبي حاجاتهم. ليت صوتهم يصل عبر حروفي المختنقة بالعبرات إلى من يهمه الأمر وكلي أمل في ذلك. مرفأ: الحزن الخافت في أشمل صوره، قلبي وطن الإنسان، وروحي منديل أبيض يرفرف لأوجاعهم.