وصار (معرض الكتاب) الحدث الثقافي الأبرز في بلادنا.. المكان يتسع.. والدور تتزايد من كل العالم.. ونسبة معروضها من الإصدارات تتفاقم وتتنوع.. صار الرهان من الناشرين على (المستهلك السعودي).. المستهلك.. ليس شرطاً أن يكون قارئاً.. وفقاً للمقتضيات المعرفية للقراءة.. ** وهو حال لا نعدم فيه (القراء الجادين) من جماهير الكتاب في بلادنا.. لا أعتقد أن ثمة زخماً في حضور معارض الكتاب العربية.. يُضاهي ما يحدث لدينا.. وهو مظهر له دلالاته التي لا يُمكن استقصاؤها في دورتين أو ثلاث لهذه التظاهرة.. فاستمرارها بهذا التوالي الحولي.. جدير بأن يرسخ تقاليد القراءة في مجتمعنا.. ** تقاليد لم تستطع المؤسستان (المنزلية والتربوية) ترسيخها.. بل ظلت طويلاً على هامش متونهما.. وإذا ما اُستدعيت - ولا سيما - لدى (الثانية).. فهي الزوائد التبعية التي يُمكن أن تقصيها أي سانحة تطرأ على بال القيمين عليها.. وهي الفضلة المكشوفة التي يسهل اختراقها وتقويضها لصالح - ما لا صالح فيه أحياناً............. ** أقول: إن (معرض الكتاب) وهو يأخذ ذلك المسار في التنظيم المبدع.. وذلك التنوع في المناشط والفعاليات.. بدأ يغرس في بيئتنا الوطنية مساراً تُنبئ مقدماته عن تغيير يمس العلاقة الذهنية بين الكتاب والقارئ لدينا.. ** (الكتاب ومعرضه) ليس دكاكين ورفوفاً ورزماً مكدسة من الكتب وطفرة شرائية تنعم بسخاء جيوبنا.. بل تظاهرة للثقافة والمثقفين وحوار ولقاءات.. وإضافات تجارب.. وحضور رموز وتكريم لآخرين.. هي الثقافة بجوهرها الإنساني وقيم ممارستها وحراكها.. احتفالات بالتوقيع والموقعين.. وحركة دائبة للعناصر المجتمعية كافة..! ** استجلاب للخارج والآخر.. ودعوته إلينا.. ليتحدث ويحاور ويكتشف ويتأمل.. حراك منظم خُطط له بوعي وانتقيت عناصره بعناية.. ** صحية مظاهر المناكفة والمثاقفة فيه.. وصحية مظاهر (المخاشنة) من ألدائه.. - وقد آلت إلى نبع يستقي منه سابلة (الكُتَّاب) الطرائف.. ودعاوى المرافعة نيابة عن المثقفين.. - فهي مخرج طبيعي.. من الأسلم أن يكون معرض الكتاب فضاءه وحاضنته.. وليس مكاناً آخر.. قد يفضي إلى نتيجة أخرى..! ** أقول: لست منزعجاً من المفارقة بين.. ممرات المكتبات العامة المقفرة.. ومقاعدها الخاوية.... وممرات (معرض الكتاب) المحتشدة بالناس.. ولن أتساءل عن اتجاهات الرغبة في القراءة في الحالين.. ولن يضجرني النهم بالاقتناء وغلواء الشراء.... فلتأخذ كل من هذه المشاهد فرصتها وسيرورتها.. ولتأخذ حقها الطبيعي في التشكُّل.. حتماً سنخلص يوماً إلى نتائج ذلك كله.. في ظل أجواء يتنفس فيها الناس الكتاب.. والقراءة..