لعل من المناسب مع بداية العام الدراسي الجديد ان نتحدث عن التعليم كونه مهنة منذ القدم يحملها المعلم على عاتقيه, ان كان الاغلبية العظمى منا يعلم عن فضل العلم ونشره شيئاً فيجدر بنا ان نتحدث هنا عن دور المعلم في الحياة، فلنتناول طبيعة مهنته بل لنقل رسالته التي يؤديها في وقت لحق بمهنة التعليم الكثير من سوء الفهم، حيث ان البعض تصور انها مهنة كغيرها من المهن او الاعمال التي يحترفها البعض من الناس بحثاً عن الرزق بغض النظر عن اهمية هذا العمل وخطورته، فهناك فرق كبير جداً بين مهنة المعلم وغيرها من المهن الاخرى، حيث ان مهنة التعليم لها من الاهمية في حياة المتعلمين وبالتالي في حياة الامم والشعوب ما يجعلها تختلف عن غيرها من المهن، فاذا كان الطبيب مثلاً يتعامل مع المريض لعلة ما فان المعلم يباشر عقول البشر طلابه واخلاقهم وشخصياتهم، كما ان للمعلم فضلاً على اصحاب المهن الاخرى من اطباء ومهندسين وغيرهم لان اصحاب هذه المهن قد مروا من تحت ايدي المعلمين، بل ان الزعماء وكبار السياسيين في العالم قد مروا ايضاً من تحت ايدي المعلمين، وليس من المحتم ان يكونوا قد مروا على عيادات الاطباء او مكاتب المهندسين، فالمعلمون يتركون اثاراً لا تمحي من حياة المجتمعات التي يعملون فيها، كما يسهمون في ربط ابناء امتهم وتوحيد افكارهم ومشاعرهم، كما يبث المعلمون بعلمهم الامل في نفوس النشء والشباب الطموح، فلو افترضنا ان هناك معلمين وهم القلة لا يقومون برسالتهم على اكمل وجه وبالشكل المطلوب فالغالبية العظمى منهم يقومون بأداء الرسالة بكل امانة للوصول الى كمال تلك الرسالة التي حملوها بكل اخلاص فالمعلم باخلاصه في اداء رسالته لا يقتصر على تعليم القراءة والكتابة فقط، اجل دور المعلم لم يكن يوماً من الايام لذلك فقط بل تخطى ذلك الى دور اكبر ذي خصوصية تربوية بناءة ليدنو من طلابه ويلامس الحس البكر لديهم ويزرع في نفوسهم الاحساس بالمسؤولية والثقة ليتجاوز بذلك امواج التفكير في طرق التدريس ووسائل الشرح المختلفة ليزرع بذور التربية السليمة في جنبات عقول طلابه ليتعاملوا مع مستجدات الحضارة بأسلوب صحيح يضمن عدم التأثر والاندفاع امام معطيات العصر، فالمعلم الذي يؤدي مهنته ورسالته بكل اخلاص يقف في صرح الدارة التعليمية بكل شموخ ليضع اللبنات الاولى ليكتسب طلابه لب التربية السليمة لرسم المستقبل والطريق السليم، لجعل الطالب ناضجاً معرفياً وسلوكياً ووجدانياً وهذه الاهداف الثلاثة كفيلة بصنع المواطن الصالح الذي سيبحث حتماً عن طرق النجاح والابداع المبني على اسس صحيحة تنير دروبهم بما تعلموا كل ما سيواجههم من مصاعب، من هنا فالتعليم مهنة ورسالة تقبع على سفينة مبحرة في خضم ما تواجهه التربية الصحيحة، قادها من سبقنا بكل امانة واخلاص وخرجوا على ايديهم الفرد الصالح ومن ثم المجتمع المعطاء، فطوبى ومرحى لك ايها المعلم الفاضل ان منحت لنفسك هذه المهنة والرسالة السامية لتحملها على عاتقيك الى اجيال بعد اجيال بكل اخلاص وتفان، عفواً ايها المعلم الفاضل ان وطننا المعطاء ينتظر منك المزيد من الاجيال النافعة التي ستسهم بكل فاعلية في خدمة الدين الاسلامي الحنيف، وتبني حضارة هذا الوطن مع بداية كل عام دراسي جديد، فلتسلم وانت تؤدي هذه المهنة والرسالة التي ليست كمثلها من المهن الاخرى, واخيراً لست اهمل دور المعلمة الفاضلة المميزة التي تؤدي دورها بكل اخلاص، فهي الاخرى ينطبق عليها نفس الدور لاداء رسالة التعليم ومهنته الجليلة المؤثرة في نفوس وعقول طالباتها ليؤثرن حتماً في بناء هذا الوطن. جمعان علي الزهراني