مفارقة واضحة تستحق الوقوف مليا حيال تصريحات وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني حول فلسطينيي عرب 1948م وتعهدات الرئيس الأميركي الجديد أوباما بتوفير مظلة أميركية للحؤول دون تهديدات إيران لإسرائيل. هذه الأقوال أكدت بشكل جلي أن سياسة كاديما أو الليكود أو غيرهما من الأحزاب الإسرائيلية تمثل خطا واضحا لإجراء (ترانسفير) لفلسطينيي الداخل إلى أي مكان خارج إسرائيل بالرغم من أن هؤلاء الفلسطينيين البالغ عددهم حوالي المليون نسمة هم الأصل في فلسطين قبل أن تصل ليفني والعديد من أعضاء الكنيست إلى فلسطين التي مهدت لها بريطانيا سبل القدوم والاحتلال للأراضي العربية............................... إن هذه المطالبة الإسرائيلية التي يؤيدها المتشددون بحق عرب فلسطين تدعو الدول العربية والإسلامية لاتخاذ موقف عربي موحد، لأنها تجيء في ضوء الحصار الغاشم الذي تفرضه على غزة والأراضي الفلسطينية وخاصة ما يقوم به قطعان المستوطنين في الخليل من حرق وقتل وتدمير لمباني المواطنين هناك.. لقد أحسن الدكتور أحمد الطيبي النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي صنعا عندما رد على ليفني التي تسعى من خلال الانتخابات الإسرائيلية المقبلة إلى منصب رئيس الوزراء، وطالبها بالتوقف عن هذه التصريحات المشينة بحق الفلسطينيين عندما قالت: (إن الحل لعرب إسرائيل يكمن في تحقيق تطلعاتكم في مكان آخر). وهي تعني بذلك ترانسفير الفلسطينيين من أراضيهم.. إلى مناطق أخرى، تفكر بها الحكومة الإسرائيلية قبل إقامة الدولة الفلسطينية.. إننا نشد على أيدي الدكتور الطيبي في رفضه لهذه التصريحات ونؤيد انتفاضة للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية لعام 1948م ترفض هذه التوجهات الإسرائيلية الشوفينية والعنصرية أيضا، وندعو للمطالبة في الكنيست الإسرائيلية باستجوابها بالرغم من قناعتنا بعدم حصول ذلك على الأغلبية المطلوبة لسياسة إسرائيل العنصرية والفاشية تجاه العرب والمسلمين والمدعومة بموقف أميركي منحاز!. وهذا الطرح مرفوض من قبل زعماء العالمين العربي والإسلامي، لأن إسرائيل هدفها (إقامة دولتها اليهودية النقية) كما تدعي من أي عربي، في محاولات بائسة لإخراج الفلسطينيين من أراضيهم كما فعلوا مع أهالي يافا وحيفا ودير ياسين وغيرها من المدن الفلسطينية. وأعتقد أن المطلوب من السلطة الفلسطينية وقف مفاوضاتها مع إسرائيل التي لم تحقق أية نتائج احتجاجا على هذه التصريحات التي تدل على حقد دفين للفلسطينيين وسياسة إسرائيلية همجية بحق هذا الشعب الذي ينشد الأمن والسلام في المنطقة فضلا عن كونه يطالب بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. فهذه التصريحات المشؤومة تجيء في وقت بعثت فيه الجامعة العربية بخطاب إلى الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما تبلغه باستعداد الدول العربية للسلام مع إسرائيل بغية إقامة سلام عادل ودائم معها طبقا لمبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات الأممالمتحدة ووفقا للمبادرة العربية للسلام ومتطلباتها التي طرحتها المملكة العربية السعودية في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في بيروت في عام 2002م والتي تدعو إلى انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها في حرب حزيران عام 1967م والموافقة على قيام دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية وتكون عاصمتها القدسالشرقية. فالمبادرة كما يروي الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز تأثر بها كثيرا أوباما حين تحدث له عنها في لقائهما في القدس.. وفي تقدير بيريز أن تقسيم القدس يأتي في مقدمة أي حل لإقامة الدولة الفلسطينية.. أما التنمية الاقتصادية فهي تأتي بالنهاية فيما يرى نتنياهو أن لا حل لمدينة القدس.. وهي (إسرائيلية) على زعمه إلى الأبد.. ومواقف نتنياهو كما يرى سياسيون إسرائيليون قد تؤدي إلى صدام مع أوباما.. هذه المبادرة العربية الجادة التي نشرت في الصحف العربية في إسرائيل، وكما قالت هاآرتس أن سفير الأردن في إسرائيل علي العايد جند كل ما يستطيع من جهد ونشاط لتحقيق مضامينها وقد التقى مع أكثر من خمسين نائبا في الكنيست لعرضها عليهم تمثل حلا جادا لإقامة السلام العادل في المنطقة وهو ما ترفضه إسرائيل..،. وإذا كان أوباما يريد دعم إسرائيل في مواقفها من إيران، استعطافا للوبي الإسرائيلي وتأكيدا لتعهداته الانتخابية بدعم الوضع القائم في إسرائيل فإن ذلك يجيء في إطار سياسة أميركية قائمة تهدف إلى مقاطعة فعالة ضد إيران خاصة أنها قاطعت المصارف الإيرانية، وألغت وزارة الخزانة الأميركية رخصة كانت تتوفر للمصارف الإيرانية وتقضي بالسماح للمصارف الأميركية بتحويلات بالدولار لمصارف إيرانية، وفي ضوء هذا الإجراء فإن إيران لن تستطيع الحصول على الدولار مقابل بيعها لنفطها وسيزيد من عزلة المصارف الإيرانية عن النظام المالي الأميركي. وإذا كان شعار أوباما عبر حملته الانتخابية قد ركز على سياسة التغيير فإننا نأمل أن يكون التغيير شاملا الشرق الأوسط، وألا يترك لكبار مساعديه، تجديد أولوياته تجاه قضايا المنطقة التي تعتبر جوهر الصراع والاستقرار العالمي خاصة اختياره الإسرائيلي الأميركي (رام ايمانيويل) كبيرا لموظفي البيت الأبيض، والذي استهل عمله بتصريحات لوالده انتقد فيها الدول العربية ودعا إلى الوقوف بحزم ضد إقامة الدولة الفلسطينية، فضلا عن أن (رام) النائب الديمقراطي من الينوي قد صوت مؤيدا للحرب على العراق. وكان عمل جنديا في الجيش الإسرائيلي وابن محارب من منظمة شتيرن التي كان لها دور في نسف فندق الملك داود ومجزرة دير ياسين. إننا نعتقد أن موقفا عربيا موحدا ضد تصريحات ليفني مطلوب في الفترة الحالية حتى لا يكون ذلك من سياستها المقبلة طرد الفلسطينيين في أراضي فلسطين التاريخية عام 1948م، ومواصلة حملات الضغط في الدول الأوروبية لوقف هذا الشعور العدائي ضد الفلسطينيين الذي يمثل حقا سياسة جنوب إفريقيا التي انتهجتها عبر رئيس وزرائها (سميث) ضد المواطنين الأصليين السود.. فهل ينجح أوباما في نزع فتيل هذا الإجراء الذي سيسبب اشتعالا جديدا في المنطقة ويؤدي إلى كوارث تحول دون تحقيق سياسة التغيير التي ينشدها الرئيس المنتخب بفضل الضغط الصهيوني على سياسته إزاء الشرق الأوسط، وإيران.. وإفريقيا،،؟ لعل الأيام المقبلة ستظهر هذه السياسة الجديدة الحمقاء لليفني ومواقف التغيير التي سينتهجها أوباما مستقبلا. [email protected]