الرياض - الجزيرة أظهرت دراسة اقتصادية أن الاستثمار المتوافق مع الشريعة لا يمكن أن يكون منيعاً تماماً ضد مشاكل أزمة الائتمان، مؤكدة في الوقت نفسه أن المؤشرات الإسلامية ستبقى محمية من التقلبات الشديدة، مشيرة في هذا الجانب إلى أن هذه تجنبت حالة الذعر المصاحب لأزمة الائتمان، على الرغم من أن الأسهم الإسلامية تأثرت بالأزمة وتأثيراتها عبر الربع الأخير، مع اضطراب الأسواق العالمية اضطراباً شديداً بسبب التأرجح السريع والتذبذب العالي اللذين شهدتهما الفترة السابقة. وبينت الدراسة التي أعدتها شركة إس أي آي للاستثمارات أن الأسواق أثبتت أنها تشكل تحدياً للاستثمارات الموافقة للشريعة، حيث شهد الربع الثالث من العام الحالي هبوطاً حاداً في أسعار السلع والطاقة، بينما كان من الغريب ارتفاع أسعار المكونات المالية. وقد أثبت اعتماد التمويل الإسلامي على أصناف الأصول أنه بمثابة (كعب أخيل). وفيما يواصل الاستثمار المتوافق مع الشريعة تفوقه على الاستثمار التقليدي خلال أزمة الائتمان الحالية، فقد نجا من عاصفة شديدة في الربع الثالث. وقالت انه خلال الاضطراب الحاصل حديثاً كان هناك الكثير من الجدل حول مستقبل النظام المالي التقليدي والدور المتنامي للتمويل الإسلامي، وذلك مع تمكّن النظام الأخير من تجاوز الأزمة الحالية. فهناك مبادئ ومناهج في النظام المالي الإسلامي يمكن الاستفادة منها، إلا أن التمويل المتوافق مع الشريعة لا يمكنه أن يحل محل التمويل التقليدي بالكامل، فهما في طبيعتهما نظامان مختلفان تماماً لكن يتعايشان في بيئة واحدة. ويستمر استثناء القطاع المالي ورفض الديون في إبقاء الأسهم الإسلامية في وضع جيد لتجنب أزمة الائتمان. وقد ساهمت تلك السمات في إيجاد قدر من المقاومة للأزمة الحالية، على الرغم من أنها لا يمكن أن تكون عازلاً تاماً لها. ويبقى تجنب المكونات المالية عنصراً مهماً في أداء المؤشرات المالية، ولكن الأثر الكبير لتغيرات أسعار الطاقة والسلع الأخرى والتي شهدت هبوطاً كبيراً في الربع الأخير، قلل من شأن التفوق على المؤشرات التقليدية. وقد تضاءل مقدار تفوق مؤشر داو جونز الإسلامي للدول المتطورة DJIWI على مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال MSCI العالمي في الربع الثالث، على الرغم من أنه لا يزال يتفوق عليه عبر آخر سبعة أرباع شهدت تحديات أزمة التمويل العقاري. تغيرات القطاعات والربع الصعب اداء داو جونز الإسلامي وقالت الدراسة في متابعهتا لأداء مؤشر داو جونز الإسلامي DJII منذ بداية العام الجاري انه قد تفوق على السوق بالنظر إلى المستوى المتدني لقطاعه المالي ذي الأداء المنخفض بشكل كبير. إلا أن النقلة التي حدثت في ترتيب ريادة القطاعات شهدت انعكاس التوجه في مؤشرات داو جونز الإسلامية وتدني أداؤها عن أداء MSCI في الربع الأخير. وأضافت أن من المفاجئ، وعلى الرغم من انهيار بعض أكبر الأسماء في القطاع، إلا أن الربع الثالث شهد التقاط القطاع المالي لأنفاسه رغم أنه لا يزال القطاع الأسوأ أداء خلال العام حتى تاريخه من حيث العائدات المطلقة، وقد تفوق على السوق الكلي بأكثر من 5% (حسب قياسات مؤشر MSCI العالمي). موضحة أن القطاع المالي لم يكن وحده جزءاً من النقلة في ريادة القطاعات، والتي تحولت عن المؤشرات الإسلامية في الربع الأخير. فالطاقة والمواد، وهما قطاعان مفضلان لدى مؤشر DJII، شهدا انعكاساً حاداً في مسارهما في الفترة المذكورة، وتراجعا بقدر كبير خلف بقية القطاعات السوقية في أعقاب عمليات بيع واسعة النطاق. فقد أثر انخفاض أسعار السلع على قطاعات المواد والطاقة، كما أثرت الفترة الأسوأ التي تشهدها السلع منذ عقود سلباً على المؤشرات الإسلامية. وقالت الدراسة انه بالمقابل يمكن النظر إلى الجانب الإيجابي، ففي الوقت الذي هبطت فيه أسعار النفط الخام هبوطا حادا، تفوقت القطاعات التي تتسم بالدفاعية عادة، كالمنتجات الاستهلاكية والرعاية الصحية، بشكل كبير على بقية السوق، ما رفع من مستوى المؤشرات الإسلامية التي تركز على هذه القطاعات غالبا، حيث تبين الفترة بين 31 ديسمبر 2006 و30 سبتمبر 2008 أن المؤشرات المتوافقة مع الشريعة استفادت من القطاعات المفضلة عادة والتي أثبتت مرونتها عبر تلك الفترة الطويلة. وتبين العائدات النسبية أن مؤشر DJIWI قد حافظ على قوته عبر العديد من القطاعات، كالاتصالات والمنتجات الاستهلاكية، متفوقا على مؤشر MSCI العالمي (انظر الشكل 3) (العائدات النسبية حسب القطاعات). وبمقارنة النتائج السنوية حتى تاريخه، وباستثناء أسهم حوض المحيط الهادئ، فقد سجلت مؤشرات داو جونز الإسلامية تفوقا إيجابيا، كل في منطقته، مقارنة بالمؤشر التقليدي المقابل لها في MSCI. مضيفة أن سلوك مؤشر داو جونز في حوض المحيط الهادئ شكل مثالا على تحدي تجاوز القطاعات الدورية. تميل التخصيصات (allocations) في هذا المؤشر بشكل كبير نحو القطاعات الدورية وهو المؤشر الوحيد في عائلة المؤشرات الإسلامية الذي يختلف بتلك الدرجة الكبيرة في التخصيصات. فأي ميزة في تدني المستوى في القطاع المالي عادلها ارتفاع المستوى في تلك القطاعات التي عانت بسبب تجنب المخاطر واتخاذ جانب الحذر من قبل المستثمرين. التحدي يكمن في السلع وأشارت الدراسة إلى أن الربع الثالث شهد صعوبة في تعامل المؤشرات المتوافقة مع الشريعة مع الهبوط الدوري والتعرض الكبير للمناطق ذات الحساسية الدورية، حيث تمثل ذلك بشكل أساسي في قطاعات الصناعة والمواد والطاقة، أما القطاعات التي تعتبر دفاعية تقليديا، وتلك المفضلة في المؤشرات المتوافقة مع الشريعة: الخدمات والمنتجات الاستهلاكية والرعاية الصحية، فقد تفوقت في خضم الاضطرابات، ولكنها تشهد تداولاً بمضاعفات الأسعار بالنسبة للإيرادات غير مستدامة على الأرجح. الى ذلك فقد كشفت الدراسة ان هذه المؤشرات لن تكون منيعة أمام آثار الكساد العالمي، مشيرة إلى أن الاعتقادات بتعافي الاقتصاد العالمي على المدى الطويل سيكون دافعا لزيادة الطلب على السلع على الرغم من المخاوف قصيرة المدى، ويتوقع أن تجني المؤشرات المتوافقة مع الشريعة فوائد هذا التوجه. فإذا ارتفعت أسهم قطاعات السلع والمواد والطاقة خلال الربع المقبل وما بعده، فإننا نتوقع أن نرى تعافي المؤشرات المتوافقة مع الشريعة من تباطؤها الذي شهدته في الربع الثالث. وبينت الدراسة أن مصدر القلق الحقيقي لقطاع المصارف الإسلامية هو أن الاستثمارات المفضلة الأخرى القائمة على الأصول (وخاصة العقارات) والتنوع المحدود في المحافظ قد يكون لهما أثر سلبي. مبينة أن استثناء الشركات القوية والمدينة سيواصل مساهمته في تعزيز قوة المؤشرات المتوافقة مع الشريعة فيما تستمر أزمة الائتمان وتعاني الأسهم ذات المديونية العالية من مشاكل السيولة. وقالت ان عامل اختيار الأسهم سيبقى حيويا بالنسبة لمدراء الصناديق المتوافقة مع الشريعة كما هو الحال مع أقرانهم في الصناديق التقليدية. وقالت الدراسة انه ما يزال من الواضح أن الاستثمار المتوافق مع الشريعة يتمتع بالفعل بمزايا إيجابية خلال الفترات الصعبة التي يمر بها السوق، وأنه لا يمكن إهمال سمات ومعايير اختيار الأسهم المتوافقة مع الشريعة بسبب أدائها في ربع مالي صعب، وقال انه على الرغم من أن الربع الثالث شهد تعافيا غير متوقع للقطاع المالي إلا أن هذا القطاع يظل الأسوأ أداء خلال العام حتى تاريخه من حيث العائدات المطلقة، ومن المفترض أن يؤدي تجنب القطاع المالي المعرض للخسارة إلى إبقاء المؤشرات الإسلامية في وضع جيد. مؤكدة انه خلال فترة أزمة الائتمان هذه، فإن المحافظ المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، والتي تستثني الخيارات وتتجنب المشتقات والبيع على المكشوف وتتجاهل صناديق التحوط، ستكون قد أبدت أداء أفضل بكثير من المحافظ التقليدية. حيث انه من المهم ملاحظة أن القيام بتغييرات جذرية في برنامج استثماري وسط أزمة سوقية نادرا ما تنتج عنه نتائج إيجابية، وقد ساعد منهج (الشراء والاحتفاظ) المتوافق مع الشريعة بتجنب المؤشرات لكثير من الاضطرابات المصاحبة لأزمة الائتمان.