أثار مقال (الاختلاط ذلك الخطر القادم) جدلاً من القراء حول عمل المرأة عموماً، والمطالبة بالسماح لها بالاختلاط في مواقع العمل. ولئن لقي المقال المذكور تأييداً، فإنه لم يحرم من عدم التقبل أو الرفض؛ حيث احتج البعض بأن لفظ (الاختلاط) لم يرد في الكتاب أو السنة, وإنما هو من آثار أدبيات الصحوة, وأن إنكاره سعي لعودة الناس للوراء! مشيرين إلى اختلافه عن الخلوة المحرمة! ملوحين بضرورة الاختلاط، وبدون ضوابط، كمحاولة للاستفادة منه في تسويق آلاف الفتيات للزواج، وتشغيلهن في مواقع اختص بها الرجال. وأصبح طبيعياً اتهام المعارضين للاختلاط بالوقوف في وجه المرأة ومستقبلها الأسري لاختيار زوجها، والسعي لتعطيل عملها بجانب الرجل، وإعاقة مسيرة بلادنا التنموية! وحول الخلاف على تحريم الاختلاط أو حله، فالدلائل في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم تشير إلى منع الاختلاط. يتأكد ذلك في أفضلية صفوف الصلاة الأمامية للرجال، بينما الخلفية أفضل للنساء. وقد جاءت سنته عليه الصلاة والسلام مفسرة للآيات مثلما وردت أركان الإسلام عامة وبينت تفاصيلها الأحاديث الشريفة. أما ما يثار حول إيجابية الاختلاط لحل مشكلة بقاء الفتيات دون زواج، فلنتساءل هل التعارف بالاختلاط قبل الزواج داعية لنجاحه، وتكوين أسرة مستقرة؟ وهل الاختلاط معين على الإنتاجية في العمل؟ وقد يكون الزواج العرفي المنتشر في مصر الذي عجزت الدولة عن حله ردا على هذا التساؤل كأحد مساوئ الاختلاط في الجامعات وأماكن العمل! وهو ما لم نشهده في بلادنا المباركة ولله الحمد. كما أن الاختلاط مثبط للعمل لإمكانية انشغال الطرفين بأمور عاطفية ومشاكل أسرية! ولا زالت بعض المجتمعات تعاني من مشاكل السكرتيرات وتسببهن بانهيار الأسرة القائمة على المودة والمسؤولية تجاه تربية الأطفال. وبعيداً عن الإقناع النظري فلتكن الإحصائيات والتقارير هي الفيصل في هذا الأمر؛ فقد أظهر تقرير للكونجرس الأمريكي حول جرائم الأحداث أن أهم أسباب هذه الجرائم هو الاختلاط بين الجنسين. وكذلك تقرير وزارة الصحة الأمريكية عن السنوات بين 1985 1994م جاء ليؤكد أن كل امرأة راشدة من ثماني نساء في الولاياتالمتحدة تعرضت للاغتصاب مرة في حياتها على الأقل! وشملت الدراسة إسبانيا والبرتغال وأوروبا الغربية فتبين حصول مليون حالة إجهاض سنوياً، وكذلك في اليابان ما يقرب من ستمائة ألف حالة أيضاً. وأضعافها في روسيا وأوروبا الشرقية. وجاءت الأعداد مقاربة لها في الصين. ولم تسلم البلاد النامية، حيث ذكرت مجلة (MEDICINE DIGEST) أن التقديرات الطبية تدل على حصول أكثر من 13 مليون حالة إجهاض جنائي في عام واحد فقط. وكشفت دراسة حديثة أُجريت على عينة من مائة من العاملات في القاهرة فوق سن الثلاثين أن (68%) من العينة تعرضن لأحد أشكال التحرش اللفظي أو البدني! وتعد مشكلة التحرش من أهم المشكلات التي تواجه المرأة العاملة في مقر العمل المختلط. ولو لم يكن من مساوئ الاختلاط إلا شنق العفة، هذا السياج المنيع، واغتيال الحياء، ذلك الوشاح الجميل، لكان كافياً لتأباه النفوس المطمئنة وترفضه الطباع السوية!! [email protected] ص. ب260564 الرياض 11342