الحمد لله الذي كتب لنا أن نكون من الأحياء لنشهد هذا الشهر الفضيل: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}، هو من أعظم الشهور عند الله، كما ورد في الحديث الشريف: (أوله رحمة وأوسطة مغفرة وآخره عتق من النار)، كان المسلمون منذ شرع الله لهم هذا الشهر يعيشون معه قبل حلوله ويتمنون مجيئه ويسعدون بشهادته ويحزنون على فراقه،) فمن شهد منكم الصيام فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر). رمضان شهر خير وبركة، شهر الصدقات شهر التسامح والتواصل، شهر الجد والعمل وليس شهر النوم والكسل، شهر الإقدام والعزم، للمسلمين في شهر رمضان وعلى مر التاريخ الإسلامي، أحداث ومواقف منها ما تحقق من انتصارات للحق في معارك خالدة، في بدر وفتح مكة وغزوة تبوك وفتح بيت المقدس وفتح مصر والأندلس وبلاط الشهداء وعين جالوت وعبور قناة السويس في حرب رمضان، وارتبط شهر رمضان الكريم عبر تاريخ الإسلام بتخطيط وافتتاح المدن وعمارة المساجد، وبالمقابل أيضاً ابتلي المسلمون بأحداث تتم في رمضان لازلنا نعيشها وتعيش معنا تبعث فينا الألم والحسرة، والحكمة بيد الله سبحانه وتعالى، رمضان شهر الجد والعلم والعمل والعبادة، شهر له بريق وحلاوة يتحرى المسلمون رؤيته ويفرحون بتباشير قدومه، ويتبادلون التبريكات مصحوبة بالأدعية المأثورة عن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. ولشهر رمضان في بلادنا نكهة خاصة يعيشها ويلمسها المواطن والمقيم والزائر، ومن المظاهر التي نحمد الله تعالى عليها عمارة المساجد بالصلوات وقراءة القرآن وحلقات الذكر، وتفطير الصائمين في مختلف أرجاء الوطن ويتنافس في ذلك المتنافسون طمعاً في الأجر والثواب، وبهجت هذا الشهر الكريم لها وهج ومتعة في رحاب الحرمين الشريفين حيث الزائر والمعتمر، لايشغل باله بأكل وشرب فهذا بفضل الله وتوفيقه يتكفل به أهل الخير احتساباً للأجر والثواب. وبالرغم من المظاهر الخيرة التي نعتز بها في بلادنا مع قدوم شهر رمضان في كل عام، وتفرد هذه البلاد بالمظاهر الرمضانية التي لا يوجد لها مثيل في بلاد الدنيا، فإننا مع الأسف، وقعنا في مصيدة العولمة والبث الفضائي، فاختلطت الموازين.. هناك تسابق محموم لتسويق شهر رمضان وليس للتسويق في شهر رمضان، الترويج للبضائع من المأكولات والمشروبات والألبسة والأثاث والمعدات والأجهزة والمركبات وأدوات اللهو والزينة، كل ذك من أجل شهر رمضان، استعدادات مكثفة في القنوات الفضائية - العربية - لبث برامجها من مسلسلات وأحجيات وألغاز، ومسابقات فنية وغير فنية وترصد لها الجوائز وكل ذلك من أجل شهر رمضان ومن عجائب الزمن أن هذه البرامج يرتبط توقيت بثها حسب توقيت مكةالمكرمة، أولئك المسوقون يعلمون أن رمضان له مظهر يختلف عن بقية الأشهر، فالعائلة تجتمع للإفطار والسحور، فهذه الأوقات بالنسبة للقنوات الفضائية فرصة ذهبية، وتبدأ التنافس المحموم بينها لخطف المشاهدين واستدراجهم لبرامجها، ولاشك أنه مهما قيل أن بعض البرامج هادفة تجمع بين المسلسلات التاريخية وبرامج الأطفال والأسرة وبعضها تعليمية وتثقيفية فبالمقابل هناك برامج هابطة لا يليق بثها في هذا الشهر الفضيل. أما المحطات الفضائية التي لها نهج غير فني أو كما يقال إسلامية فقد دخلت في مجال التسويق، والاختلاف بينها واضح في التوجه والهدف ونبل المقصد. لاشك أننا بحاجة إلى الترويح عن النفس، وإلى مشاهدة البرامج الهادفة، وإلى مشاهدة المسلسلات التاريخية البعيدة عن الابتذال وتشويه الحقائق وبث المزيد من الفرقة بين المسلمين، البث الإعلامي هو علم وفن وتجارة لكن ينقصه الصدق والإخلاص والأمانة على الدين والتاريخ والحضارة. سؤال نطرحه بكل صراحة أمام مسؤولي الإعلام في عالمنا العربي والإسلامي وهو: هل اجتمعتم لدراسة البث الإعلامي وآثاره السلبية على المسلمين في شهر رمضان؟.. لعلنا نتوقع الإجابة في رمضان القادم أو لا إجابة. أما نحن فنقول مرحباً رمضان وهنيئاً لنا بك وكل عام وبلادنا والمسلمين بألف خير. [email protected]