في يوم السبت الماضي الموافق 23 رجب 1429ه، غادر دنيا الناس معلم فاضل، ومرب ناصح، وعلم من أعلام الرياضة في زمانه، يذكر إذا ذكر الرعيل الأول من نجوم الرياضة ورجالها أمثال زيد بن مطرف ومبارك الناصر، وغيرهم ممن لا أعرف من الأعلام الكرام. إنه الأستاذ ميزر بن محمد أمان المساعد رحمه الله رحمة واسعة. عرفت الأستاذ ميزر يوم كنت أحد طلابه في المرحلة الثانوية قبل حوالي سبعة عشر عاما من الآن، وكان أستاذا لنا في مادة علم النفس وعلم الاجتماع، وعرفته ناصحا لأبنائه الطلاب، حريصا على طروق مواضيع عامة ومهمة يستفيد منها طلابه والمجتمع، وكان في قصصه ووصاياه شيء من المتعة والقبول في نفسي، ولعل ذلك لأن وصايا الرجل كانت وصايا مجرب وعاقل عاش من السنين طويلا، ورأى من الناس صنوفا واغترب في طلب العلم مبتعثا الى الولاياتالمتحدةالأمريكية بضع سنين بعد خدمته في تدريس التربية الرياضية لدراسة علم النفس واظن ان ذلك كان له أثر في صقل شخصيته المأنوسة. وأذكر أن أستاذي حدثنا عن الرياضة في زمانه وما كان من خبرها، وعن مجتمع الرياضة في ذلك الزمان وما كان يدور فيه، وكان أستاذنا في أيام لقائي به على كهولته رياضي القلب والنفس إلا أنه كان - ولا أنسى ذلك - طالما حذر الشباب من جنون الرياضة، ومن إخراجها من غايتها النبيلة إلى غير ذلك من تنافس غير شريف، وإضرار بالآخرين وتعالٍ عليهم وما إلى ذلك مما لا يليق، ولعل هذا من أهم ما يمكن أن أذكره عن حياة معلمي الراحل أمام جيل إخواني الشباب الرياضيين.. وبعد تخرجي في المرحلة الثانوية كنت أجاهد نفسي ألا أنقطع عن معلمي فكنت أتصل به، وأقابله وكان مما يتيح لي ذلك حضوره عند أحد أعيان حينا وجيراننا الكرام العم مسلم بن عبدالله الطلاسي في مجالس حاتمية كنت أأنس فيها بلقاء أستاذي وأستفيد من وصاياه وتوجيهاته، وكان من تلك الوصايات في ذات ليلة من الليالي وصيته بقراءة كتاب من الكتب النافعة كان قد أعجب به رحمه الله في مجال الثقافة الإسلامية مما يدل على حس الفقيد الديني والعلمي وهو كتاب (السلوك الاجتماعي في الإسلام) لمؤلفه الشيخ حسن أيوب رحمه الله.. إخواني القراء الكرام، والشباب الرياضيين كان الأستاذ ميزر مثالا لرياضي قدير، يجمع بين الرياضة وذوقها، وفنها الرفيع، وبين العلم والخلق والتواضع وحسن التعامل مع الآخرين، فأرجو أن يكون قدوة. ... وختاماً: هذه بعض أحاديث أسعفني بها البيان، ونسجتها لي ذاكرة بدأت تتلاشى في عالم النسيان إلا انها لم تنس استاذا كريما تواضع لنا، وتحدث معنا، حديث محب ناصح، ومرب مجرب ألا فعليه رحمة الله ومغفرته وعفوه وأسأل الله العلي القدير سبحانه أن ينور عليه في قبره ويفسح له فيه وأن يجزيه خير الجزاء عن كل ما قدم من عمل، وأن يلهم ذويه ومحبيه الصبر والرضا وحسن العمل.