خلال العامين الماضيين ارتفعت أسعار الحديد في السوق السعودي بشكل مبالغ فيه، حيث ارتفع سعر طن الحديد من 2000 ليصل إلى حوالي 6000 آلاف ريال. وقد أدى ذلك إلى التأثير السلبي على المواطن السعودي بصفة خاصة وعلى الاقتصاد الوطني على وجه العموم. وقد تعددت الشائعات حول السبب الحقيقي لتلك الزيادة المبالغ فيها، فمنهم من أرجع ذلك إلى نقص المواد الخام في صناعة الحديد، وهناك من قال إن الارتفاع المتوقع في الطلب على الحديد بسبب الطفرة الاقتصادية في المملكة هو السبب، وهناك من قال إن ارتفاع تكاليف الشحن البحري هو السبب. ولكن يظل السبب الأقوى في ارتفاع أسعار الحديد هو في تلك الممارسات الاحتكارية وغير الأخلاقية من قبل بعض كبار تجار الحديد من خلال قيامهم بتخزين كميات ضخمة من الحديد، إضافة إلى عمليات تواطؤ يمارسها عدد من كبار تجار الحديد بهدف تعطيش السوق والتحكم في أسعاره على حساب المستهلك. ففي يوم الأحد الماضي نشر عدد من الصحف خبراً مفاده أن وزارة التجارة والصناعة فتحت تحقيقاً موسعأً مع أحد كبار المستثمرين المعروفين في السوق بعد قيامه بتخزين كميات كبيرة من حديد التسليح تفوق في تقديراتها الأولية مائة ألف طن، وذلك بهدف المضاربة في الأسعار لتحقيق مكاسب شخصية واستغلال الظروف الحالية لأجل المبالغة في أسعار الحديد، وذلك على الرغم مما يسببه ذلك من إضرار بالمواطن السعودي. تصوروا تاجر واحد يخزن (100) ألف طن، وإذا ما علمنا أن احتياج المواطن الواحد من الحديد لبناء منزله هو (50) طنا تقريباً، فهذا يعني أن ما قام به هذا التاجر الخائن لمجتمعه هو اخفاؤه الحديد عن أكثر من (2000) مواطن (100000 - 50 = 2000) وإذا كان هذا التاجر قد سقط فاحتمال أن يكون عدد آخر من التجار ممن هم على شاكلته لم يسقطوا بعد مما يعني تكديسهم لمئات الأطنان من الحديد. وإذا ما علمنا بأن عدد من يقومون ببناء وحدات سكنية أو استثمارية في مدينة الرياض يبلغون حوالي ألفي شخص تقريباً، لذا نستطيع أن نجزم بأن السبب الأساسي في ارتفاع أسعار الحديد هو تلك السياسات الاحتكارية والناكرة للجميل من قبل بعض تجار الحديد. السؤال الذي يطرح نفسه هنا أمام معالي وزير التجارة، ما هي العقوبات التي سيتم تطبيقها بحق مثل هذا التاجر، والذي لم يتردد في الإضرار بأهل وطنه، ولم يتردد في كسر الأنظمة التي وضعتها الدولة من خلال جريمة الاحتكار التي ارتكبها، ولم يتردد في تحدي الدولة خاصة إذا ما علمنا بالتوجيهات التي أطلقها عدد من ولاة الأمر والمحذرة للتجار من احتكار الحديد وغيره من المواد الخام. نعم، ما هي العقوبات التي سيطبقها معالي الوزير بحق هذا التاجر وأمثاله ممن يعملون على قهر المواطن والنهش من اقتصادنا الوطني؟! فهل سيخفي معاليه اسم هذا التجار حتى لا يجرح شعوره هو وغيره من التجار أمثاله من تجار الحديد. أم أن معاليه سيطبق الغرامات المالية في حدودها الدنيا وبالتالي ستكون العقوبة حافزا لأمثال هذا التاجر بالاستمرار في تلك السياسات الاحتكارية؟! معالي وزير التجارة.. عليك أن تدرك أن تلك الجريمة قد عانى منها مجتمعنا السعودي بأكمله وعلى امتداد عامين، وعليك أن تدرك أن تلك الجريمة قد شحنت المجتمع تجاه الدولة على الرغم من حرص الدولة الملحوظ بتوفير كافة السلع للمواطن بأقل الأسعار. معالي الوزير.. المجتمع ينتظر منك أن تنسق مع الجهات ذات الاختصاص حتى يتم الضرب بيد من حديد على من قام بتخزين الحديد.