حل مشكلة الإسكان بحاجة إلى برامج ورؤية واضحة.. وإنشاء أبراج تتماشى مع مكانة مدن المملكة وتطورها والتي تحتاج إلى الاستعانة بأحدث التصاميم والمخططات والاستفادة من تجارب الآخرين في تقديم برامج وآليات مميزة لنماذج وحدات عقارية حديثة.. وتُعتبر شركات التطوير العقاري الحديثة هي التي لديها هذه البرامج والأساليب الجديدة لتلبية حاجة كافة الشرائح من العقارات. إن الراصد للسوق العقاري بالمملكة يجد أن هناك عدداً قليلاً من شركات التطوير العقاري تمتلك آليات وبرامج متطورة متميزة على الرغم مما يشهده القطاع العقاري في المملكة من حركة واضحة من المتوقع أن تمتد إلى عشر سنوات قادمة، ويتزامن ذلك مع وجود زيادة كبيرة في الطلب على الوحدات السكنية والمكاتب الإدارية، وخلافه.. ومع ذلك فهناك كثير من العاملين في هذا القطاع يتبنون أساليب تقليدية أو قديمة، وهم في العادة إما صغار أو كبار يعملون بشكل فردي وليس مؤسسياً... فهل تنفع الأساليب التقليدية للعقاريين في التعامل مع متغيرات ومتطلبات الفورة الاقتصادية الحالية؟! إن الأساليب القديمة في ممارسة العمل العقاري لا تستطيع أن تواكب هذه المتغيرات حيث لا يُوجد بالعديد منها أفكار جديدة مبتكرة لأننا نريد منهم أفكاراً مميزة وحلولاً حضارية وعملاً مؤسسياً يواكب الحركة الاقتصادية العالمية، ومن الضروري أن يتطور مستوى تقديم الخدمة من أعمال روتينية وتقليدية لأعمال يكونون من خلالها منافسين قادرين على التعامل مع آليات المنافسة وعلى تغيير أساليبهم.. والسؤال المطروح على العقاريين الآن ما هي جاهزيتهم للخير القادم إن شاء الله ؟!. إن الإحصاءات والدراسات السكانية تشير إلى أن المملكة تشهد نمواً كبيراً في عدد السكان.. صاحب هذا النمو نهضة عمرانية كبرى.. هذه النهضة جاءت لتواكب الزيادة الكبيرة والمتصاعدة في عدد السكان، ولو ظل ارتفاع عدد السكان يسير بما هو عليه الآن، فإن عدد السكان في المملكة سوف يزداد بصورة كبيرة في السنوات القادمة، مما يستلزم توفير وحدات سكنية لتستوعب الزيادة السكانية المتوقعة، لهذا فمن الضروري أن يدرك المستثمرون ورجال الأعمال الاحتياج المستقبلي من الإسكان بما يتوافق مع الإمكانيات المادية والجوانب الاجتماعية والصحية. والراصد لآخر البيانات الإحصائية الرسمية الصادرة من وزارة الاقتصاد والتخطيط يجد أن عدد سكان المملكة حتى عام 1425ه وصل إلى 22.673.538 نسمة بلغ عدد السعوديين منهم 16.529.302 نسمة منهم 8.285.662 نسمة بنسبة 50.1 % من جملة السكان السعوديين.. أما عدد الإناث السعوديات فبلغ 8.243.640 نسمة بنسبة 49.9% من إجمالي السكان السعوديين، بينما بلغ عدد غير السعوديين 6.144.236 نسمة منهم 4.271.598 نسمة يمثلون 69.5 % من إجمالي السكان غير السعوديين، بينما بلغ عدد الإناث من غير السعوديات 1.872.638 نسمة يمثلون 30.5 % من إجمالي عدد السكان غير السعوديين، ومن خلال هذه الإحصاءات الرسمية نجد أن عدد السكان السعوديين يمثلون حوالي ثلثي إجمالي السكان بينما يمثل السكان غير السعوديين حوالي ثلث إجمالي سكان المملكة ،وهذا ما يوضحه الرسم البياني التالي: وإذا أخذنا مدينة الرياض على سبيل المثال نجد أن عدد السكان فيها ينمو بصورة كبيرة كما يوضحه الجدول التالي حيث تظهر توقعات النمو لجميع الأسر أنه يلزم في المتوسط - خلال الأعوام العشرين القادمة - توفير وحدات سكنية بمدينة الرياض لما يقارب 28 ألف أسرة سنوياً، وهنا يلزم مراعاة أن الطلب سوف يزداد في المستقبل على المساكن خصوصاً أن تكوين الأسر الجديدة سيزداد بشكل كبير؛ لأن أكثر من نصف السكان هم دون الخامسة والعشرين من العمر، ولأن العديد من الأسر الممتدة سوف تتحول أيضاً إلى أسر مفردة إذا تهيأت لها الإمكانيات للحصول على وحدة سكنية خاصة بالإضافة إلى إقبال الأسر في مدينة الرياض على السكن في الشقق بعد ما كانت تميل إلى السكن في الوحدات السكنية ذات المدخل الخارجي المستقل.. وهذا كله يولد زيادة كبيرة في الطلب على السكن، وبناء على ذلك فالمأمول الأساليب العقارية الموجودة قادرة على تلبية هذه الحاجات متنوعة الأذواق. **** جدول يوضح الزيادة في عدد سكان مدينة الرياض م- السنة - عدد السكان 1 1407 1.389.000 2 1417 3.100.000 3 1422 3.829.000 4 1425 4.260.000 5 1427 4.600.000 المصدر: الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إن هذه الأرقام تبيّن النمو السكاني الكبير الذي تشهده المملكة في ظل عدم قدرة القطاع العقاري على سد العجز الموجود في السكن وعلى الرغم من هذه الحاجة الملحة إلى الأنشطة العقارية سواء السكنية أو الإدارية نجد كبار العقاريين يتوجهون إلى دول مجاورة للاستثمار فيها، ويشيدون الأبراج السكنية والتجارية والتي نحن في أمسّ الحاجة إلى مثل هذه المشاريع العملاقة، وهذا ما يؤسف له.. ومن المهم أن تُنبه الجهات ذات العلاقة لخطورة هذه الظاهرة نتيجة غياب الوعي من قِبل البعض بقصد أو بدون قصد تتم مضايقة العقاريين مما يؤدي إلى هروب المستثمرين العقاريين وغيرهم إلى الخارج. ولتدارك الأخطاء ومسببات هروب الأموال والمستثمرين إلى الخارج فمن المهم إعادة دراسة اللوائح والأنظمة والتشريعات مع ضرورة القضاء على الروتين والبيروقراطية وتسهيل الإجراءات أمام الاستثمارات الوطنية حتى لا يكون مناخنا الاقتصادي طارداً للأموال الوطنية إلى الخارج لأن الخاسر الوحيد من هجرة العقاريين والمستثمرين إلى الخارج هو الاقتصاد الوطني.. والكاسب الوحيد هو اقتصاديات الدول المجاورة. لذا، فمن الضروري أن يكون هناك وعي من المستثمرين العقاريين بالأساليب الجديدة والمتميزة وأن يركزوا في طرح الرؤى الجديدة لعرض المنتجات العقارية للمستهلكين ويتزامن مع ذلك ضرورة قيام الجهات ذات العلاقة بتسهيل كافة الإجراءات وتعديل الأنظمة للمساهمة في تطور البيئة العقارية في المملكة مما يدعم اقتصادنا الوطني. مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية