عزيزتي السيدة الحامل، إنك قد تصابين بصدمة أو مفاجأة عندما يشخص الطبيب حالتك على أنها (حمل خارج الرحم) خصوصا وانه قد يتطلب هذا إجراء تدخل جراحي أو علاج طبي خاص، ونحاول هنا أن نبين لك جوانب هذه الحالة المرضية المهمة والخطرة. * ما هو الحمل خارج الرحم؟ - الحمل خارج الرحم هو انغراس الجنين في أسابيعه الأولى خارج تجويف الرحم بدلاً من داخله ويكون في أغلب الأحوال داخل الأنبوب (قناة فالوب) ونادراً ما ينغرس الجنين في أماكن أخرى كعنق الرحم أو المبيض أو تجويف البطن، ففي الحمل الطبيعي يلتقي الحيوان المنوي الذكري بالبويضة الأنثوية داخل الأنبوب حيث يتم التلقيح لتكوين الجنين، وتسير البويضة الملقحة عبر الأنبوب إلى تجويف الرحم لتستقر فيه وتغرس نفسها في جداره الداخلي أما في حالة الحمل خارج الرحم فإن رحلة البويضة الملقحة تتوقف في داخل الأنبوب وتكبر داخله مكونة جنينا وحيث إن تكوين الأنبوب غير مهيأ للتمدد واستيعاب ذلك الجنين، فإنه سرعان ما يتمزق محدثاً نزيفاً داخلياً شديداً وخطيراً. فما هي الأسباب يا ترى؟ الأسباب: هناك عدة أسباب مثل وجود أنبوب غير سوي نتيجة لحدوث التهابات حوضية سابقة أو وجود التصاقات نتيجة لعمليات جراحية حوضية سابقة أو وجود بعض الأمراض الأخرى مثل بطانة الرحم المهاجرة ENDOMETRIOSIS) وفي بعض الحالات لا توجد أسباب معروفة لذلك. الأعراض: الأعراض قد تكون غير محددة تماماً وهذا قد يشكل صعوبة أحياناً في التعرف المبكر للحالة من قبل السيدات ولكن إذا حدث أن تأخرت الدورة عن موعدها وثبت حدوث حمل ثم أتبعه حدوث نزيف غير متوقع أو صاحب الحمل آلام شديدة في أسفل البطن وشعور بالدوار أو الإغماء في بعض الأحيان فهذه كلها أعراض تدل على احتمالية وجود حمل خارج الرحم وتستلزم من السيدة الحامل سرعة مراجعة الطبيب. وسائل التشخيص: عادةً ما يقوم الطبيب بأخذ التاريخ الصحي الكامل وعمل فحص إكلينيكي شامل ثم نلجأ إلى عمل الفحوصات التالية: 1- قياس نسبة هرمون الحمل في الدم BHCG) حيث يكون مرتفعاً بنسبة أكبر من الحمل الطبيعي. 2- الموجات فوق الصوتية الداخلية عبر المهبل TRANSVAGINAL (U - S) حيث تمكننا هذه التقنية من التشخيص المبكر للحالة مع أنها قد تكون غير جازمة بشكل نهائي. 3- منظار البطن LAPAROSCOPE وذلك لنتمكن من خلاله من رؤية تجويف البطن والحوض وهو عبارة عن أنبوب صغير موصول بكاميرا يتم إدخاله إلى تجويف البطن عبر السرة تحت تأثير المخدر العام ومن خلال هذا المنظار يمكننا في الغالب التأكد من التشخيص كما يمكننا من خلاله التدخل الجراحي لمعالجة حالة الحمل خارج الرحم إذا استلزم الأمر. ومع هذا فإننا نقر أنه في بعض الأحيان قد تتواجد صعوبة في التشخيص نظراً لطبيعة المرض مما قد يستلزم دخول المستشفى والمكوث تحت الملاحظة لفترة من الوقت حتى نصل للتشخيص النهائي. العلاج: ينقسم العلاج تحت بندين أساسيين حسب عوامل دقيقة يحددها الطبيب المعالج. أولاً: العلاج الطبي: عن طريق حقن دواء يطلق عليه METHOTREXATE وهو في الأصل يستعمل لعلاج بعض الأورام حيث يتم حقنه ليقضى على أنسجة الحمل خارج الرحم. ثانياً: العلاج الجراحي: وذلك إما من خلال منظار البطن أو عمل شق جراحي أسفل البطن يتم من خلالهما إما إزالة الحمل الخارجي من مكانه في أنبوب أو إزالة الأنبوب كاملاً في بعض الأحيان وإيقاف النزيف لو كان موجوداً. وهناك بعض الحالات كما ذكرنا قد تتطلب فقط الملاحظة الدقيقة والمتابعة المستمرة لمعدل هرمون الحمل في الدم والموجات الصوتية فقط وعدم التدخل بأي علاج طبي أو جراحي. والطبيب المعالج هو الذي يحدد في الغالب أنسب طريقة لعلاج الحالة وذلك حسب المعطيات التشخيصية التي قد تتوفر لديه، وقد يبدأ بنوع من العلاج ثم يغيره لنوع آخر حسب تطور الحالة. وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال هام: هل إذا حدث لي حمل خارج الرحم فهل سوف تتكرر معي نفس الحالة في الحمولات التالية أم لا؟ يجب أن تعلمي عزيزتي أن تكرار حدوث حمل خارج الرحم أمر وارد ولذلك فإنك إذا أصبت بتلك الحالة سابقاً فهذا يتطلب منك في حالة حدوث حمل جديد عمل متابعة دقيقة، وبشكل عام فإن إمكانية حدوث حمل طبيعي بعد حمل سابق خارج الرحم عالية لدى الكثير من السيدات، أما إذا حدث تكرار لحدوث الحمل خارج الرحم فننصح باستخدام تقنية الإخصاب المساعد والمعروفة باسم ART حيث تقل فرص تكرار الحمل خارج الرحم بإذن الله. وفي الختام يمكننا أن نطمئن السيدات بأن التطور الطبي التقني في التشخيص وفي جراحات المناظير قد ساعد بلا شك بدرجة كبيرة على التشخيص المبكر والعلاج الآمن لحالات الحمل خارج الرحم وذلك للوصول إلى أفضل فرصة للحصول على حمل آمن وطفل سليم مستقبلاً إن شاء الله. دكتورة حنان عرفة أخصائية أمراض النساء والولادة مركز النخبة الطبي الجراحي