أكد رجل الأعمال شاهر الصعيري وجود فجوة بين الأنظمة العقارية وآلية أدائها، من شأنها إطالة أمد العوائد وإضعاف المكتسبات الاستثمارية في القطاع، محذراً من المساهمة في إيجاد سلبيات كبيرة كتلك التي ظهرت مؤخراً بالمساهمات الوهمية ولكن بوجه آخر. وقال رئيس مجلس إدارة شركة مملكة العقارات الذي التقته الجزيرة: إن القطاعين الخاص والحكومي بحاجة إلى خلق منافسة فيما بينهما؛ لطرح منتجات ابتكارية تخدم السوق وتلبي متطلباته، مشيراً إلى أن العقار مقبل على غربلة مستقبلية نتيجة فاعلية الاستثمار الأجنبي وضغوطات التنمية السكانية. وأفاد الأستاذ الصعيري بأن الشركات العقارية تعاني ضعفاً في أساليب التسويق وغياب طرح المنتجات الجاذبة، وهو ما تتفرد به مشاريع شركته (مملكة العقارات) في كل من الشرقيةوالرياض ومناطق المملكة الأخرى.. فإليكم نص الحوار: * استثمارات خارجية ضخمة استقطبها السوق السعودي مؤخراً في ظل تأكيدات شركاتها وفرة الفرص المتاحة، فيما نجد بالمقابل ما يثار حول معوقات استثمارية يواجهها رجال الأعمال العقاريون محلياً.. كيف تقرؤون الواقع على ضوء ذلك؟ - الاستثمارات الضخمة التي ولجت السوق العقاري السعودي ذات اتجاه محدد، بمعنى أنها انطلقت من دراسة فرص استثمارية محددة، وتهدف إلى الفوز بالعائد الاستثماري المتوقع منها. تلك الآلية المتبعة من قِبل هذه الشركات يدعمها وسائل الجذب الحكومي للاستثمارات الأجنبية، ويدعمها أيضاً عمق الدراسات التي تقوم بها هذه الشركات لواقع السوق، مع توافر الكفاءة والمهنية التي تتمتع بها، مع خبراتها الدولية في القطاع العقاري. وفي المقابل فإن القطاع الخاص لدينا في غالبيته لا يحظى بالقدر الكافي من الخبرة، ناهيك عن أن القطاع الخاص قد دخل السوق دون تخطيط مسبق بسبب الطفرة التي صاحبها النمو السكاني الكبير؛ فهو حتى هذه اللحظة يفتقد بشكل كبير تطوير عمله أو طرح منتجات جديدة لخدمات ما بعد البيع. مثلاً: صحيح أن المعوقات التي يطرحها العقاريون لها ما يدعمها ولا يجب التقليل أبداً من شأنها، لكن في المقابل يجب تقييم الشركات المحلية عقارياً في إطار ما تقدمه الشركات المقبلة على السوق الإنتاجية. * هل نحن نعيش فعلاً في طفرة عقارية مع ارتفاع أسعار الأسمنت والحديد ونشوء السوق السوداء وتوقف العديد من المشاريع العقارية القائمة؟ - يمكنك إضافة ارتفاع أسعار العقار وندرة الأراضي وسيطرة القطاع الحكومي على مشروعات البنية الأساسية.. إلخ. لكنك أيضاً يمكنك الرجوع إلى الأرقام العقارية التي تُظهر حجم الاستثمارات العقارية في السوق، وفي كل قطاع فيه معوقات تقف حائلاً أمام تطوره، وهي عوائق يجب على العقاريين في قطاعهم العمل على إزالتها. ولا شك أن الدور الحكومي مطالب بشكل أكبر للتفاعل مع هذه الهموم العقارية عبر العمل بآلية القطاع الخاص، وطرح البدائل المكملة لمطالبات العقاريين. ولا شك أن الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق تهيئ مثل هذا التوجه، ولا محالة سيستجيب القطاع الحكومي لاحقاً سواء من بوابة الاستثمار الأجنبي أو بوابة التفاعل المحلي. ويمكن القول هنا إن نشوء السوق السوداء أو غياب الرقابة الحكومية لا يمثلان عامل جذب للقطاع، وبالتالي إطالة أمد العائد الاستثماري المستفاد من الطفرة العقارية الحالية، فيما يمكن طرح الكثير من الوسائل الكفيلة بالمحافظة على جاذبية السوق، فكلما نما العامل الجاذب للاستثمار نما بالمقابل الحاجة إلى تفعيل المكتسبات الاستثمارية المرجوة. * هناك دائماً حديث عن قصور في الأداء.. ما أوجه القصور من جانب القطاع الخاص؟ - يعتري القطاع العقاري الخاص بشركاته العديد من جوانب القصور التي لا تخدم العملية الاستثمارية؛ فأغلب الشركات العقارية للأسف لديها ضعف واضح في آليات التسويق التي لا تخرج عن مسائل التقسيط ومسائل الجذب البيعي للعملاء، وهي منتجات لم تشهد تطوراً ملحوظاً منذ عهد بعيد.. فالشركات المحلية مطالبة بآليات عمل جديدة لتفخيم العائد الاستثماري بمنتجات جديدة تقارع التجارب الاستثمارية العقارية الخارجية كما أن استهداف العائد الاستثماري المجزي وحده لم يعد الأمر الكفيل بتحقيق أهداف الشركة التوسعية؛ فالشركات المقبلة على السوق المحلي تحمل الكثير من المنتجات الجاذبة، وفي حالة عدم توافق الشركات المحلية في خلق جاذبية لها فإنها ولا شك ستحظى بتهميش لا محالة مؤثر في نموها. * كيف ترون آلية التمويل بوجهيه الحكومي والخاص؟ وهل يمثل الركيزة المناسبة للمرحلة المقبلة؟ - للأسف فإن التمويل بشقيه الحكومي والخاص ليس الطريقة المثلى للمرحلة الحالية أو المقبلة؛ ذلك أن التمويل الحكومي المرصود لا يمثل ولو 40% من تكلفة البناء الفعلية، أضف إلى ذلك أن هناك ضعفاً كبيراً في طبيعة تمويله. هناك حاجة ماسة إلى غربلة الأداء فيما يتعلق بالتمويل الحكومي بدءاً من قيمته، مروراً بطريقة استحقاقه، وصولاً إلى آلية تحصيله.. فالتمويل الآن يجب أن يراعي ظروف المواطن وطبيعة السوق العقارية، كذلك فإن الحاجة ملحة لتوفير منتجات تمويلية جديدة تتعلق بالترميم أو استكمال المسكن القائم أو رهن الأرض أو البناء بضمان الأرض، والعديد العديد من أدوات التمويل المتاحة. وهنا نعرج على أداء القطاع الخاص التمويلي؛ ففي السوق العقاري المحلي للأسف نجد هناك تشابهاً إلى حد ما في آلية العمل بين القطاعين الخاص والحكومي، فيما المفترض هو العكس. وقد يكون من المناسب إنشاء هيئة من القطاعين الخاص والحكومي كعمل مشترك، تسمى هيئة قروض المساكن الخاصة، يمكن أن ندمج من خلالها قدرة القطاع الحكومي وآلية عمل القطاع الخاص الحديث. * لنتحدث قليلاً عن طبيعة مشاريعكم المقبلة، ما هي توجهاتكم الاستثمارية المحلية؟ - والحمد لله نحن في شركة مملكة العقارات نتأهب لإطلاق مشروع عقاري عملاق في المنطقة الشرقية بتكلفة تتجاوز المليار ريال، ويتضمن المشروع مجموعة من الأبراج السكنية وفنادق وشقق مفروشة كأول مشروع من نوعه في المنطقة بهذا الحجم، وبالطبع فإن اختيارنا للمنطقة يكمن في أنها منطقة عالية الجاذبية بدعم ورعاية من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية، وبالطبع فإن المشروع سيحظى بمنتجات جذب جديدة وفريدة على السوق العقاري ضمن خطتنا لتأكيد نمونا بأساليب ومنتجات عالية المهنية، ونتوقع على ضوء ذلك أن نحقق أهدافنا المرجوة. وأود هنا التنويه بأن مشروع المنطقة الذي ستُكشف تفاصيله الكاملة في حينه يقف خلفه شخصيات مميزة تمكنه من إضافة علامة بارزة للقطاع العقاري بشكل خاص وللمنطقة بشكل عام، أضف إلى ذلك سيتم إنشاء مشروع عقاري ضخم في مدينة الرياض يمثل نقلة نوعية في الاستثمارات في العاصمة الحبيبة في ظل الرعاية والاهتمام من قِبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان للمدينة المتميزة جمالياً والمتقدمة عمرانياً، كما أن هناك مشاريع قادمة في عدد من مناطق المملكة، تخضع الآن للدراسة لطرحها بشكل متفرد ومتميز، أسوة بالمراحل التي مرت بها مشاريعنا السابقة في مملكة العقارات؛ لنحقق معادلة العائد المجزي للاستثمار النوعي. * ما رأيكم في طرح عدد من الشركات العقارية للاكتتاب العام؟ - في اعتقادي أن هذه الخطوة جاءت كنتاج متوقع لمشاركة المواطن في النجاحات المحققة؛ فطبيعة الطرح تعني تأكيد التوجهات نحو تحقيق الأهداف المرجوة في النمو بنجاح يماثل ما تم طرحه من شركات غير عقارية في سوق المال. وهنا أود التنويه بأن هناك حاجة ماسة إلى طرح المزيد من الشركات العقارية في السوق؛ فهذا التوجه يمثل دعماً لعمل الشركات وبوصلة لأدائها الاستثماري، أضف إلى ذلك أن التوجه لخلق اندماجات في الشركات العقارية أصبح الآن مطلباً ملحاً في ظل التنافسية التي يشهدها القطاع لاقتطاع حصة السوق ذات العوائد المجزية. * هل الملتقيات أو المنتديات العقارية نجحت في تحقيق أهدافها؟ وكيف تجدون تفاعل القطاع الخاص؟ - لا شك أن المنتديات العقارية تساهم في خلق جو تنافسي ومعرفي جيد، لكن المطلوب هو توسيع مفهوم مضمون المنتدى نفسه ليرتقي عن كونه عاملاً تسويقياً؛ فطرح المنتجات العقارية إن لم يواكبه آلية حديثة في طرحه كل عام سيصبح طرحاً مكرراً، وسيصبح المنتدى بالتالي عاملاً مماثلاً.. المطلوب الآن هو ابتكار أذرعة لهذه المنتديات لتصبح حدثاً منتظراً بعيداً عن البيروقراطية التسويقية.. يجب أن يمثل المنتدى هدفاً للعميل ليكتسب من خلاله الخبرات العقارية التي تؤهله لاتخاذ القرار الاستثماري الناجح مع اختلاف الفروق الاستثمارية بين مناطق المملكة، كما أنه يجب أن يمثل المنتدى عوامل جذب لمناطق وليدة أو واعدة أو التركيز على منتجات عقارية جديدة للسوق نفسه. ومن نافلة القول أن هناك مناطق في المملكة تحتاج إلى التفاتة الشركات العقارية بما تحمله من استثمارات واعدة في ظل آليات الجذب الحكومي. والمطلوب الآن الأخذ بتوصيات المنتديات أو الملتقيات العقارية السابقة مع ما يطرح فيها وتصفيتها بما يضمن عدم تكرارها وتشابهها أيضاً. * كيف ترى مستقبل القطاع العقاري بعيداً عن العناوين العريضة كالاستثمار الواعد والاقتصاد الثاني بعد النفط وخلافها؟ - هناك فجوات بين الأنظمة وآليات تطبيقها فيما يتعلق بالشأن العقاري.. هذه الفجوات أنتجت في الماضي سلبيات ظهرت على شكل مساهمات وهمية وضياع حقوق وقضايا بمطالبات مالية، وتم استغلال فجوات الأنظمة لتحقيق أرباح خيالية بطرق غير مشروعة، وما زال القطاع في حالة تهديد من تكرار هذه السلبيات وظهورها بشكل أو بآخر. والقطاع العقاري بما يحمله من مميزات وعوائد في ظل الطفرة الحالية يحمل أيضاً الكثير من المحاذير الواجب الانتباه إليها عند التعاطي مع استثماره، وهنا يجب الوقوف على ذلك والسعي لاستباق حدوث السلبيات من خلال سد الفجوات وإمعان الدراسات وتمحيص الإحصاءات وتجديد الرقابة المالية سواء في مجالات الترخيص أو الملاءة المالية. وشخصياً لا أستبعد بتاتاً حدوث هزات أخرى ما لم نتدارك ذلك، لكن في المجمل أعود معك في الخطوط العريضة بأن السوق العقاري سوق جاذب لو أُحسنت إدارته من قبل كافة الأطراف عبر خلق بيئة تنافسية بين القطاع الخاص نفسه والقطاع الخاص والحكومي. * هل أنتم مع أو ضد تدخل الدولة في الشأن العقاري كتحديد سقف للإيجارات مثلاً أو فرض إجراءات محددة على النشاط؟ - القطاع العقاري كشأن باقي القطاعات الخاصة في الدولة ينهل من معين الحرية التجارية، وبالتالي فإن التدخل فيه يمكن أن يحقق إيجابيات قريبة الأجل إلا أن ذلك له تأثيره على المدى البعيد.. يمكن القول هنا إن الدولة بما تملكه من أدوات عقارية كصندوق التنمية وبنك التسليف يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً كشكل غير مباشر للتأثير على القطاع ودرء السلبيات بقدر المستطاع، لكن أيضاً يمكن لها أن تقوم بغربلة هذا الدور عبر طرح أفكار جديدة كدمج صندوق التنمية ببنك التسليف أو إشراك القطاع في خصخصته أو الخروج بتصورات تتناسب وإمكانيات القطاع بما يساهم في خلق تنافسية إنتاجية تخدم آلية عمله.. والقول بأن دول مجاورة قامت بالتدخل في قطاعها عبر فرض سقف للإيجار مثلاً يمكن أن يعتد به في حالة تشابه هيكل القطاع بآخر، وهو ما يعد مستحيلاً نظراً إلى اختلاف عمل أجهزة الاستثمارات واختلاف البيئة من مكان لآخر.