كان هاجس الكتابة عن وباء المخدرات الذي انتشر يدور بفكري ويشغل بالي، وما حفزني للكتابة اليوم هو ما قرأت من كلمات صادقة لصاحب السمو الملكي وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، الذي نشر في جريدة الشرق الأوسط يوم الأربعاء 3/ ربيع الثاني/ 1429ه (حيث أكد أن السعودية أكثر دولة يهرب لها المخدرات، وأن هناك خطة لاستنزاف الأموال السعودية، كما أنه لا يستبعد أن يكون هناك مخطط لإفساد الشباب وجعلهم مشلولين!) كما قال: (يهمني جداً أن أضع الرأي العام في هذا الواقع المخدرات أخطر من أي حرب أو من أي كوارث، نحن مستهدفون وأكثر دولة يهرب لها المخدرات) جاءت هذه الكلمات في وقت كفت الأقلام والحملات التوعوية عن الاهتمام بمكافحة هذا (المرض) وكأنه تم القضاء عليه! ليستنفر الهمم لمكافحة هذا الداء الذي يفتك بشبابنا ويشتت أسرنا ويستنزف أموالنا! والذي ينظر إلى الجهود المبذولة من رجال الأمن لمكافحة المخدرات يعلم أن هناك خللاً ما حيث يتزايد أعداد المدمنين، وحتى من يقضي منهم عقوبة السجن يخرج وهو على حاله بل ربما يكون أشد مما كان عليه! فما هي الأسباب؟ هل يتعاطون المخدرات داخل السجون؟ لا أجمل من الشفافية والوضوح عند مناقشة أمر خطير جدا كهذا الأمر كما وصفه سموه، وكما تشعر به كل أسرة ابتليت ب(مريض) أدمن المخدرات! نقول: رغم كل الجهود المبذولة فلقد سارت الأمور إلى أسوأ ما يمكن أن يتصوره إنسان، فلن أقول في كل بيت (مريض) بهذا الداء مدمن للمخدرات، ولكن سأكون متفائلة وأقول، في كل عشرة بيوت (مدمن) إنها الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها وإلا كنا كمن يضع رأسه في الرمال! إن تجارة المخدرات تجارة نشطة وواسعة يمارسها الرجال والشباب والنساء والأطفال على حد سواء، ولو كان هناك توعية واسعة ومكثفة بحيث يكون مكافحتها شعارًا يتخذه كل أفراد هذا البلد، لانتصرنا على هذا (المرض) وقضينا عليه، ولكن مشكلتنا أننا في مجتمع يرى معالجة المريض من هذا الداء (عيبا) حتى يصل المريض إلى حالة متأخرة تؤدي به إلى الجنون أو ارتكاب جريمة تؤدي به إلى السجن! إن التوعية أهم وأكثر السبل جدوى في مكافحة المخدرات، فلا جدوى من مخاطبة المرضى، ولا قتل المروجين، أو حبسهم، فهم يتزايدون ولا يرتدعون فالمريض منهم ترتفع لديه قيمة (المزاج) على قيم الدين والأخلاق ولن يعي مادام في حالة (إدمان) والمروج هدفه (المال) ولن يهتم بسواه، فخطب المنابر، والإعلام لا تكفي لتوعية الناس ضد هذا الخطر، إن الحملة لمكافحة المخدرات يجب أن تبدأ من الأسرة التي هي نواة المجتمع، كحملات التطعيم ضد الأوبئة المختلفة، ولكنه تطعيم للعقول السليمة وتوعية يرافقها مد اليد للأسر المبتلاة بأحد أفرادها ليتم إعادة تأهيلهم لنرفع جميعا شعار (لا مدمن بيننا) ليس بالتخلي عنهم ولكن بعلاجهم وتلمس حاجاتهم وتوفير مصدر العيش الشريف لهم! إن الإدمان حالة مرضية، فعلينا أن ننظر للمدمن نظرة إنسانية لينجو ويستعيد عقله!.