الممثل التاسع الذي كان موجوداً في قمة اكيناوا للدول الصناعية الغنية الثامنة التي اختتمت اعمالها في اليابان امس كان ممثل الدول الفقيرة,, أو أكثر دقة ممثل الدول المدينة. لم يكن هناك رئيس دولة يزاحم رؤساء الدول الصناعية الثماني,, ولم يكن هناك مقعد يجلس عليه ممثل الدول المديونة,, إلا ان مسألة ديون الدول الفقيرة كانت القضية الاكثر إلحاحاً والبند الاكثر تداولاً داخل قاعة المباحثات وخارجها. قبل بدء القمة واثناء وصول قادة الدول الصناعية الثماني كانت التجمعات والتظاهرات تطالب الرؤساء باسقاط ديون الدول الفقيرة, وقبل أن يحزم الرؤوساء حقائبهم متوجهين إلى اليابان نجح نشطاء يعملون لتخفيف آلام الشعوب الفقيرة في جمع ثمانية عشر مليون توقيع تطالب الدول الغنية باسقاط ديون الدول الفقيرة، وفعلاً اهتم الرؤساء ببحث القضية، إلا أن الرؤساء وجدوا أن اسقاط الديون عن الدول المديونة لاينهي المشكلة، فخراب اقتصاد الدول الفقيرة ليس بسبب الديون، بل إن الديون حصلت بسبب فساد النخب الحاكمة في الدول التي اقترضت حكوماتها لتحسين اقتصادها، ولكن بدلاً من أن تساعد القروض على تحسين اقتصاد الشعوب الفقيرة، حسنت أرصدة الحكام والمحيطين بالحكام،ولذلك فإنه حتى وإن اسقطت الديون لن يتحسن الوضع، ولذلك فقد وضعت الدول الصناعية الثماني وفي القمة السابقة معايير لتحديد الدول التي تسقط عنها الديون حيث تعهدت الدول الثماني باسقاط مائة مليار دولار هي جملة ديون الدول الفقيرة، وقد اختيرت مجموعة من الدول المستوفية للشروط في حين رشحت دول أخرى مهيأة لاستيفاء الشروط التي تنحصر في محاربة الفساد الاداري وتحسين الاداء الاقتصادي وامتلاك البنى الأساسية الاقتصادية، وحين استعرض قادة الدول الصناعية الثماني في اكيناوا هذه الدول وجد أن أقل من عشرين دولة مستوفية الشروط، وأن أربعا وعشرين ممكن أن ترتقي إلى شروط الاستفادة من مشروع اسقاط الديون. هذا التعامل مع ديون الدول الفقيرة جعل الموضوع شبه مجمد, إن ربط الديون باصلاح الأوضاع والاصلاح الاداري ومعالجة الفساد عجلة طويلة ومعقدة، مما يؤخر انقاذ اقتصاديات الدول الفقيرة التي تعاني من حالات الفساد وفوائد الديون المتراكمة. مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني