اطلعت على ما كتبه الاخ قبلان الصالح القبلان لعزيزتي الجزيرة بتاريخ 17 ربيع الآخر الجاري بعنوان: ملاحظات عابرة على كتاب زاخر بالجهد,, في اشارة الى كتاب حمد المنصور المالك 1312ه/1412ه سجل حافل بالعطاء الذي ألفه الاستاذ خالد المالك وتناول فيه إسهامات والده يرحمه الله في خدمة الوطن والمواطنين قبل ان يغيبه الموت في الثاني من رجب 1412ه عن عمر يناهز المائة عام قضاها في خدمة وطنه وجماعته كأبرز رجالات نجد المعاصرين بما وهبه الله من الحكمة ورجاحة العقل وسداد الرأي وكرم النفس وسخاء اليد واتقان العمل فحزن اهل الرس بصفة خاصة لفقده حزناً شديداً فقد كان موته بعد الرضاء بقضاء الله وقدره خسارة لا تعوض على هذه البلدة واهلها وهكذا هم الرجال الفاعلون المؤثرون في حياة المجتمعات يفقدهم ويبكي عليهم حتى اعداؤهم فكيف بشهم كريم فرض بأعماله الوطنية والانسانية المتعدية محبته وتقديره على الجميع وصدق فيه قول الشاعر: لعمرك ما الرزية فقد مال ولا فرس يموت ولا بعير ولكن الرزية فقد شهم يموت لموته نفر كثير فقد حصل هذا الموت المعنوي بعد رحيل هذا الرجل في نشاطات جماعة الرس وخفت ذكرهم وانقطعت اتصالاتهم الشخصية بالجهات المسئولة في دلالة على انه يرحمه الله هو الذي كان يشجع جماعته ويتقدمهم لمثل هذه المهام ويتصدى معهم لكل ما يخدم مدينة الرياض واهلها. اعود الى ملاحظات الاخ قبلان وأضم صوتي الى صوته في اهمية ان يحرص الاستاذ خالد ان تضم مقدمة كتابه في طبعاتها الجديدة وصفاً تاريخياً اكثر شمولية يكون موصولاً بكافة الاحداث الى عصرنا الحاضر فقد لوحظ ان جميع الكتابات التي تعنى بتاريخ الرس تنتهي بحادثة حصار ابراهيم باشا للرس عام 1232ه وتتوقف عند هذا الحد وتهمل اي ذكر للرس واهلها في الاحداث التاريخية اللاحقة التي شهدتها ارض الجزيرة بما فيها معارك التوحيد الظافرة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز ويتساءل الكثيرون أين ذهبت شجاعة اهل الرس وبسالتهم في التصدي للغزاة الاتراك. التي وصفها سادلير بقوله: انه اذا كان قد قتل من جيش ابراهيم باشا في معركة الرس 900 تركي وجرح 1000 وآلت بهم الامور الى محنة شنيعة بعد حرب ضروس استمرت 3 اشهر ونصف وبما ان الباشا قد فشل فشلاً ذريعاً في احتلال هذه البلدة الصغيرة امام شجاعة اهلها وبسالتهم التي فاقت كل وصف بما انه حصل هذا كله فكيف كان سيصبح مصير هذه الحملة لو ان البلاد ذهبت لمشاركة اهل الرس في ذلك الدفاع المجيد . واقول ان السبب يعود الى المؤرخين انفسهم والا فقد ظلت هذه الخصوصية في الرجولة والبسالة باقية في اهل الرس يتوارثها الابناء عن الاباء والاجداد ومن شواهد ذلك في العصر الحديث معركة ميسلون التي وقعت سنة 1920م وشارك فيها ابناء نجد اخوانهم السوريين في مقاومة القوات الفرنسية بمجموعة قوامها 500 مقاتل بقيادة احد ابناء الرس الشيخ ناصر العلي الدغيثر يرحمه الله اضافة الى عدد آخر من قادة الفصائل منهم سعد السكيني وابن شارخ وجميعهم من الرس وقد اشاد لورانس في كتابه: اعمدة الحكمة السبعة في اكثر من موضع بشجاعة ابن دغيثر واشاد ببسالة سعد السكيني, وقد تطرق الى ذكر هذه الحادثة التاريخية الهامة شبه المنسية على مستوى الوطن العربي الشيخ ابو عبدالرحمن ابن عقيل فيما كتبه لجريدة الجزيرة بتاريخ 7 شوال 1415ه في صفحة له اظنها اسبوعية اسماها: مهاتفات للفكر والوجدان حبذا لو تعود ثانية فقد كانت ممتعة وزاخرة بابداعات هذا المفكر الكبير وتليق بالجزيرة في زيها الجديد الذي صارت به الاكثر تميزاً على مستوى الساحة اقول ذكر هذه الحادثة ابو عبدالرحمن وذكر انه قام بنفسه بمقابلة ابن دغيثر الرجل الشجاع الذي تجاوز السابعة والتسعين من عمره وحدثه عن بعض تفاصيل هذه المعركة كما ذكر ان احد المصورين التقط صورة مكبرة لابن دغيثر بساحة المرجة بدمشق وهو يمتطي صهوة جواده ويمسك السيف بقبضة يده اليمنى وقد كتب على الصورة بطل ميسلون . مثل هذه البطولات التاريخية الموثقة هي مما ينبغي اضافته الى ما يكتب حول هذه البلدة باعتباره جزءاً من التاريخ العام لهذه البلاد وشاهداً من شواهد البطولات الرائعة لرجالاتها الذين هم اغلى من الذهب ومنهم الشيخ المالك الذي ترك رحيله فراغاً وطنياً واجتماعياً محلياً ظل شاغراً حتى الآن وكان بحق رجلاً وطنياً وانسانياً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وانموذجاً مشرفاً لاسلافه من رجالات هذه البلدة من امثال سعد الدهلاوي والشيخ قرناس العبدالرحمن ومالك وغيرهم والعزاء لنا في اسرة الفقيد التي انتقل معظم افرادها الى الرياض ولكنهم ظلوا على صلة وثيقة ببلدتهم وجماعتهم يشاركونهم في كل مناسباتهم مشاركة تليق بمنزلتهم الاجتماعية وبعملهم الرسمي الواسع خاصة في مجتمع الرياض وهذا التواصل دافعه الحس الوطني والبر والوفاء بذلك الشيخ المهيب يرحمه الله الذي احب هذه البلدة واهلها وظل وفياً لها حتى آخر ايامه ولعله اوصى بنيه بها خيراً وهاهم في تواصلهم ينفذون وصيته, وما انا من يثني لنيل مطامع ولكنها افعالهم توجب الشكر رحم الله السلف وسدد افعال الخلف وعوض هذه البلدة عمن فقدتهم من رجالاتها بآخرين من ابنائهم واحفادهم واتم علينا ما ننعم به من الامن والاستقرار وسعة العيش ورزقنا حسن الطاعة والولاء لولاة امرنا المباركين. محمد الحزاب الغفيلي محافظة الرس