السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد في الجمعة الأولى من العام الهجري الجديد، أذهلني خطيب أحد أكبر الجوامع في مدينة الرياض (جامع سوق عتيقة) حين ذكر عدد الموتى الذين تمت الصلاة عليهم في المسجد الذي يؤمه في العام الماضي فقط، حيث ذكر رقماً مخيفاً جدا لكل ذي بصيرة، وهو الفان وستمائة وثمانية وستون متوفيا، أي بمعدل ثمانية أشخاص كل يوم من أيام السنة، وقد ازداد ذهولي عندما قرأت في عدد الجزيرة 10095 تصريحاً لقائد الدوريات الأمنية بمنطقة الرياض، ذكر فيه أن عدد المتوفين من جراء الحوادث المرورية خلال العام المنصرم 1420ه بلغ خمسمائة وثمانية وسبعين شخصاً، فيما بلغ عدد المصابين ستة آلاف وثلاثمائة واثنين وثلاثين شخصاً، وهو رقم مذهل خاصة إذا علمنا أن بعض هؤلاء المصابين قد توفي بعد ذلك، بسبب الإصابات المميتة التي لحقت به من الحادث، سواء في المستشفى أو في الطريق إليها، وإذا نحن تناسينا للحظة بقية المساجد الكبرى في الرياض التي تؤدى فيها الصلاة على الموتى، وعقدنا مقارنة بسيطة بين من تمت الصلاة عليهم في ذلك الجامع وبين عدد المتوفين بسبب الحوادث المرورية، لخرجنا بنتيجة مؤلمة ومحزنة مفادها أن أكثر من الربع كانت وفاتهم بسبب حادث مروري، أما إذا أحصينا عدد من أديت عليهم صلاة الميت في كل مساجد المملكة وقارناه بعدد كل موتى الحوادث المرورية، فإننا نصل إلى نتيجة يدركها كل من يسير في شوارعنا وهي أن حوادث الطرق هي السبب الأول للوفاة لدينا، وأعتقد أن هذا الأمر ليس بجديد بل يعتبر نتيجة طبيعية لحالة الانفلات المروري الذي تعاني منه شوارعنا وطرقنا، والتي لم تجد العقوبات والجزاءات في كبح جماحها، فبعد أن كنا نشتكي من هواة السرعة وقاطعي الإشارات، أصبحنا نرى تصرفات لا تمت للحضارة بصلة، أبطالها مراهقون وأجانب فمثلاً قبل أيام شاهدت سيارة متعطلة على جانب الطريق في شارع الفريان بمدينة الرياض، وكان قائدها يوقف سيارة أخرى أعتقد أنها لصديقه ثم ينزل منها حبلاً بلاستيكياً، ويربط طرفاً منه في مؤخرة سيارة صديقه والطرف الآخر في مقدمة سيارته المتعطلة ، وكان يهدف إلى سحبها إلى مركز خدمات يبعد عن مكانه بضعة كيلومترات، دون أن يدرك هو وصديقه أن ما يفعلانه يعتبر جريمة في حق مستخدمي الطريق، فالحبل البلاستيكي مهما تكن متانته لا يمكن أن يتحمل ثقل السيارة حتى ولو وضع معه مائة حبل آخر، وبالتالي فإن سير السيارتين بهذا الوضع الشاذ حتى لمسافة قصيرة، يمثل خطراً على بقية السيارات بل حتى على قائديها أيضاً، الذي قد يدفع أحدهم حياته ثمناً لاستهتار هذين الشخصين، اللذين استكثرا أن يدفعا خمسين ريالاً لإحضارسطحا تحمل السيارة إلى أي مكان يرغبانه، دون أن يعرضا نفسيهما ومرتادي الطريق للخطر. علي بن زيد القرون