غيب الموت في الأسبوع الماضي نجم هلال التسعينات عبدالرحمن القصاب (59 عاماً) الشهير بلقب شمروخ.. بعد معاناته الطويلة مع المرض.. وكان الأمير الشهم فيصل بن سلطان تبنى حالته الصحية بعد أن نشرت (الجزيرة) معاناته المرضية وتكفل سموه الكريم بعلاجه في مدينة سلطان الإنسانية (2004م) فحول حياته من معاناة دائمة إلى ملامسة الحياة الجميلة بعد توفيق الله سبحانه وتعالى وذلك قبل ثلاثة أعوام. بيد أنه شهدت حالته المرضية انتكاسة مفاجئة قبل ثلاثة أشهر لم تمهله طويلاً ليغادر هذه الدنيا بصمت وهدوء وقد ترك اسمه محفوراً في الذاكرة الهلالية كواحد من النجوم الذين تميزوا بأخلاقهم العالية وعطائهم الرفيع طيلة السنوات السبع التي قضاها مع زعيم الأندية. (الجزيرة) وكعادتها في متابعة أحوال نجوم الأمس الرياضي تكشف جانباً من حياة النجم الراحل نقرؤها عبر الأحداث التالية. البداية بحي الشريعة بدأت علاقته بكرة القدم في الحواري والمدارس وتحديداً في حي الشريعة أحد الأحياء الشعبية بالقطيف وضم فريق الحي الذي سمي ب(القلعة) عدداً من لاعبي أندية الشرقية ومنهم رشيد سنبل وعبدالرؤوف عبدالجبار وعبدالغني الحبشي وعبدالله الداريني ومن فريق الحي انضم لفريق الشاطئ (الترجي حالياً) أوائل عقد الثمانينات الهجرية من القرن الفائت عن طريق رئيسه آنذاك عبدالرب الرسول الجشي (أبو شفيق) ومثله في كافة مراحله السنية. موهبة فطرية تجلت موهبته الفطرية بخط الوسط بصورة مبكرة من عمره الرياضي كان يملك إمكانات فنية عالية وقدرة بارعة في صناعة اللعب وكذا إجادته فن التصويب من مسافة بعيدة.. يقول لاعب الشاطئ (الترجي حالياً) د. عبدالعزيز المصطفى الذي زامل النجم الراحل أيام الصبا بالحي إن سر لقب شمروخ يعود لتميزه (يرحمه الله) بالطول الفارع المأخوذ من شموخ النخلة كما اشتهر بفن التصويب العنيف من مسافة بعيدة فضلا عن أخلاقه العالية وأدبه الجم مما أكسبه احترام الجميع. الطوخي وسميث فقط أشرف على تدريبه عدد من المدربين الأجانب خلال مسيرته الرياضية التي امتدت لأكثر من 14 عاماً مثل فيها نادي الشاطئ ثم الهلال فمن هؤلاء المدربين الذين ساهموا في صقل موهبته ودعم إمكاناته الفنية العالية المدرب العربي طه الطوخي والإنجليزي جورج سميث اللذان أشرفا على تدريب الهلال في التسعينات الهجرية. وعن النجم الذي تأثر به كان قائد هلال الثمانينات الهجرية سلطان بن مناحي خاصة في جانب صناعة اللعب وقوة أدائه البدني وقتاليته داخل الملعب. الدراسة نقلته للعاصمة! ففي عام 90-1391ه انتقل شمروخ لمواصلة دراسته بمعهد التربية الرياضية بالرياضة ونجح الهلال في كسب أبرز اللاعبين بالمنطقة الشرقية عن طريق رموزه الأمير هذلول بن عبدالعزيز والشيخ عبدالرحمن بن سعيد والشيخ فيصل الشهيل فانضم للهلال وهو في سن (18 عاماً) ومثله على مستوى الفريق الأول رغم صغر سنه. نجوم هلال التسعينيات وجاء انتقاله للهلال في وقت تزامن فيه غياب الفريق الأزرق عن ساحة البطولات قرابة 13 عاماً لكنه نجح في إعادة هلال الثمانينات الهجرية لمنصات الذهب والتتويج عندما قاده مع بقية جيل إبراهيم اليوسف وعبدالله العمار وسمير سلطان وفهودي وصالح النعيمة وناجي عبدالمطلوب وبشير الغول وغازي سعيد (رحمهما الله) للفوز ببطولة الدوري الممتاز لموسم عام 1397ه حيث تألق شمروخ مع الهلال منذ الوهلة الأولى التي ارتدى فيها الشعار الأزرق وكان من المدربين الذين تنبؤوا له بمستقبل كبير في عالم النجومية المدرب العربي طه الطوخي كما أن المدرب الإنجليزي جوزي سميث كان يعتمد عليه في مهام عدة نظراً لمجهوده السخي وعطائه المتدفق حماساً وإخلاصاً للشعار الذي كان يرتديه. نجم مثالي عاصر الفقيد أكثر من إدارة هلالية لكنه كان يحظى بتقدير الجميع نظراً لأخلاقه العالية وسلوكه الرياضي سواء مع اللاعبين أو الحكام أو في الجماهير فضلا عن مثاليته وعطائه وكذا انضباطه داخل وخارج الملعب الأمر الذي منحه خاصية تقدير كل من تعامل معه. حتى أنه خلال السنوات التي مثل بها الهلال أساسياً لم ينل أي بطاقة ملونة مدركاً في هذا الجانب أن الأخلاق هي النبراس الحقيقي لنجومية أي لاعب قبل كل شيء. الاعتزال قسراً استمر في الملاعب ومع الهلال حتى عام 97- 1398ه حيث أعلن اعتزاله المبكر لظروفه الأسرية التي كانت تتطلب انتقاله للمنطقة الشرقية ونزولاً لرغبته وافق الأمير هذلول بن عبدالعزيز على طلبه فعاد يرحمه الله لمسقط رأسه (القطيف) ليتحول لميدان التدريب حيث درب ناديه الذي تبنى موهبته واحتضن نجوميته (الترجي) واستمر في مضمار التدريب أكثر من 8 أعوام وتوقف قسراً نظراً لظروفه الصحية التي عانى منها طويلاً حيث توقف عن التدريب عام 1408ه. مرض الرعاش وعن حالته الصحية يقول رفيق دربه الدكتور عبدالعزيز المصطفى إنه حينما لعب بصفوف الهلال في أواخر عام 1397-1398ه تعرض لضربة قوية في لقاء الهلال أمام أحد الفرق (...)!! وأصيب بهذه الضربة في رأسه بعد احتكاك عفوي مع أحد اللاعبين إزاء ذلك بدأت تظهر معه أعراض هذه المشكلة الصحية بداية ألم بالرقبة ثم تطور الأمر إلى تحركات لا إرادية (رعشة) ثم انتقل هذا الألم إلى اليدين وأصبح يعاني بعد ذلك مرض الرعاش في كلتا اليدين مع صعوبة في النطق ففي عام 1409-1410ه سافر للخارج لتلقي العلاج وبالتحديد إلى إيطاليا على حسابه الخاص ثم لمصر وأصبح يعالج بواسطة الأوزان لمدة شهر ونصف ولم يظهر أي تطور إيجابي ثم سافر لندن ومكث هناك 45 يوماً وأكد له الأطباء أنه يحتاج إلى علاج طبيعي وتأهيل فترة مستمرة حتى يستعيد قدرته على الحركة بشكل سليم لكنه لم تتحسن حالته. وإزاء ذلك بينت (الجزيرة) حالته الصحية وبالتحديد في 12-2-1425ه فتكفل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلطان (أمين عام مؤسسة الأمير سلطان الخيرية) بعلاجه داخل مدينة سلطان الإنسانية حيث توفر الإمكانات الطبية الخاصة في العلاج الطبيعي والتأهيل لمثل هذه الحالات المرضية ومكث في المدينة شهرين ونيف شهدت حالته تحسناً وتقدماً رائعاً وأضحى بعد مزاولته للعلاج الطبيعي المكثف يعتمد على ذاته في كثير من الأمور في الأكل والشرب ويقرأ الصحف دون مساعدة من الآخرين. غادر المنطقة الشرقية بعد مكوثه في المدينة قرابة الشهرين والنصف وكان ذلك قبل ثلاثة أعوام بيد أنه وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة في حياته شهدت أوضاعه الصحية نكسة مفاجئة ليغادر هذه الدنيا الفانية وقد ترك بين أسوار هذه الحياة أربعة أبناء وزوجة مكلومة تغمده الله بواسع رحمته. 25 عاماً في التعليم وعن حياته العملية والاجتماعية فهو عمل في سلك التعليم بعد تخرجه في معهد التربية الرياضية عام 92-1392ه واستمر في حقل التربية (25 عاماً) ولظروفه الصحية اضطر لتقديم التقاعد المبكر (قسراً) كان خلال هذه السنوات التي قضاها في ميدان التربية والتعليم نموذجاً رائعاً للمعلم الذي أدى رسالته النبيلة على أكمل وجه فأضحى منزله بعد تقاعده يكتظ بالزوار من طلابه وزملائه المعلمين وأصدقاء لأنه كان مثالياً في كل شيء. أما على الصعيد الاجتماعي فهو (يرحمه الله) متزوج ولديه بنتان وولدان أحمد (19 عاماً) ومحمد (16 عاماً) ورحل وقد ترك الحسرة والأسى في نفوسهم سائلين المولى عز وجل أن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.