فرضت السلطات العراقية حظراً على السيارات في مدينة النجف المقدسة معقل معظم رجال الدين الشيعة في الوقت الذي استعدت فيه القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة لإعادة المدينة للسيطرة العراقية أمس.. ومحافظة النجف هي ثالث محافظة عراقية تُسلم لقوات الأمن العراقية.. واستمرار الهدوء فيها هو اختبار مصيري للحكومة العراقية وأيضاً لآمال واشنطن في تسليم باقي المحافظات للسلطة العراقية وسحب القوات الأمريكية من العراق. وتحسباً لهجمات محتملة من جانب المقاتلين فرض المسؤولون حظراً على سير السيارات في شوارع النجف، وانتشرت الشرطة العراقية في كل زاوية قبل احتفال التسليم الذي يحضره كبار المسؤولين العراقيين.. واحتشدت قوات الشرطة والجيش العراقية في استاد لكرة القدم يجري فيه احتفال التسليم وصدحت الموسيقى من مكبرات الصوت. ويتعرَّض الرئيس الأمريكي جورج بوش لضغوط لسحب القوات الأمريكية من العراق مع تصاعد الخسائر في الأرواح بين الأمريكيين والعراقيين وتنامي استياء الرأي العام الأمريكي من حرب العراق، الذي أدى إلى خسارة الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه بوش في انتخابات الكونجرس الشهر الماضي. ورغم مطالبة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي بتسريع عملية التسليم أظهر تقرير للأمم المتحدة أن قوات الشرطة والجيش العراقية مخترقة بدرجة كبيرة من جانب الميليشيات وجماعات مسلحة أخرى. ولم تشهد مدينة النجف هي وقلة مستثناة من المدن العراقية أعمال عنف مثل تلك التي تشهدها العاصمة العراقيةبغداد ومناطق أخرى يعيش فيها الشيعة والسنة والأكراد جنباً إلى جنب.. والنجف هي مقر آية الله علي السيستاني المرجع الشيعي الأعلى في العراق.. لكنها لم تكن محصنة ضد الصراعات بين الفصائل الشيعية المتناحرة.. ومكانتها كمركز تاريخي لطلبة الحوزات العلمية الشيعة ومن ثم نفوذها السياسي يكسبها أهمية خاصة لنجاح عملية التسليم. وشهدت النجف انتفاضة دامية استمرت ثلاثة أسابيع قام بها جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر ضد القوات الأمريكية في أغسطس - آب عام 2004.. وجيش المهدي هو الآن من بين الفصائل الشيعية العديدة التي تتصارع على النفوذ في المدينة. وحذَّر تقرير المجموعة الدولية لإدارة الأزمات التي تتخذ من بروكسل مقراً لها أمس الثلاثاء من التوترات بين جيش المهدي وكتائب بدر وهي ميليشيا شيعية تابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق. وقال التقرير: (الميليشيتان الشيعيتان تخوضان حرباً خطيرة على مدينة النجف المقدسة). وصرح اللفتنانت مايكل مارلي من البحرية الأمريكية والمتحدث باسم عملية التسليم بأن كل القوات الأمريكية والقوات الأخرى انسحبت عدا قلة من محافظة النجف في سبتمبر - أيلول، وأن العراقيين هم المسؤولون فعلياً عن الأمن. وسلمت القوات البريطانية المسؤولية الأمنية للقوات العراقية في محافظة المثنى في يوليو - تموز، وذي قار في سبتمبر - أيلول، وهما من محافظات الجنوب الهادئة نسبياً.. وقالت بريطانيا إنها تأمل في أن تعيد محافظة البصرة الغنية بالنفط إلى السيطرة العراقية في النصف الأول من عام 2007 .