الشباب هم عماد الأمم وعدتها وعدادها وهم الرجال الذين تعقد عليهم الأمة نواصي الخير في مستقبلها وتبني عليهم آمالها وتطلعاتها. والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم ووهبه العقل وجعله في منزلة عالية وأكرمه ونعمه عن سائر المخلوقات وجعل هذا العقل الميزة التي تفرقه عن الحيوان، والمؤمن الكيس الفطن هو الذي يشكر الله على نعمه وآلائه وأن الله زوده بالعقل ليتدبر الغاية التي خلقه الله من أجلها وهي عبادته وحده دون سواه وهذا هو (التوحيد الخالص) قال الله في محكم تنزيله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} الآية 56 سورة الذاريات، فحري بشباب وطننا الغالي أن يستثمروا ويستغلوا هذه النعم التي أسبغها الله جل وعلا عليهم من نعمة الأمن والصحة ورغد العيش وأن يوظفوا عقولهم وأبدانهم لما خلقت له، واعلم يا رعاك الله أنك مسؤول عن شبابك فيما أبليته وعمرك فيما أفنيته في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحاطها فالوطن بحاجة إليكم قدموا له ما قدم لكم، راقبوا الله في سركم وجهركم وراقبوه في كل أعمالكم وأعلموا أنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ويعلم ما تخفيه النفوس. كونوا عونا ومعينا لوطنكم في سرائه وضرائه واحذروا أن يؤتى الوطن من قبلكم فكونوا سدا منيعا في وجه كل مخرب وكل مفسد. أيها الشباب الأبي ارفعوا هامات آبائكم ولا تخرجوا عن مشورتهم ورأيهم، بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، فرقوا بين ما يضركم وما ينفعكم في دنياكم وآخرتكم، كونوا حماة الوطن بعد الله سبحانه وتعالى؛ فأنتم على ثغرة من ثغور الإسلام. اتبعوا سبل الهداية والرشاد لتنالوا السعادة في الدنيا والآخرة، اعكسوا الصورة المثلى عنكم للآخر. إخواني ويا أبناء جلدتي ويا شباب وطني.. هذه المدنية والحضارة الهائلة التي انفتحت على العالم بأسره وأصبح كأنه أسرة واحدة تأخذ المعلومة من أقصى العالم ببضع ثوان وتدخل المواقع عبر الإنترنت بثانية واحدة وتأخذ ما تريد من معلومات وموضوعات في شتى مناحي الحياة. كما يمكنك مشاهدة ما يجري في دول العالم خلال ثوان معدودة، كل هذه التقنيات التي توفرت أمامك بغثها وسمينها وانفتاح العالم على بعضه أدى إلى إرهاصات في كثير من شؤون حياتنا والشباب المتعقل والمدرك كنه ما يحيط به من اختراقات واختلافات وقنوات مرتفعة ومنخفضة هو الذي يأخذ ما يفيده ويترك ويبتعد عما لا يفيده؛ لأن بني الإنسان محاسب عن كل ما تقترفه حواسه إن خيراً فخير وإن شراً فشر، والمدنية هذه لا تعني التغير في سلوكيات الشباب ولا بالملابس الإفرنجية ولا بالقصات المشوهة، كما أن التطور والانفتاح لا يعني مضايقة الناس في الأسواق والمحلات التجارية واستخدام الجوال في أمور محرمة وشدد في حرمتها شرعنا الإسلامي. أيها الشباب إننا بحاجة إلى مصارحة ومكاشفة أن ما نشاهده في بعض الشباب - نسأل الله لهم الهداية والصلاح- شيء مخجل وتمتعض منه النفس، خصوصا ما يتعلق بجانب اللباس ومحاولة التقليد الأعمى في الشكل الذي خلقه الله في أحسن تقويم. أفيقوا أيها الشباب واعلموا أنكم في بلد المقدسات ومأوى أفئدة الناس وبلدكم لم يبخل عليكم بشيء، قدم لكم ما لم يقدم لغيركم. راقبوا الله سبحانه وتعالى فيما تستخدمونه من أجهزة وآلات وسيارات؛ فهذه نعم أسبغها الله على عباده، تحتاج إلى شكر، استغلوا خيرات بلدكم واكسبوا أعمالاً شريفة بأيديكم، لا تكونوا عالة على غيركم، انزلوا ميدان العمل والكسب الحلال فعمل اليد فيه خير وبركة وأجر وثواب، فالله يرزق من يشاء بغير حساب. توكلوا على الله في أعمالكم حق توكله حتى يرزقكم كما يرزق الطير والدواب. يا معشر شباب الأمة.. باب الرزق مفتوح وليس مقصوراً على الوظيفة والعمل الحكومي، بل أبواب الخير والرزق كثيرة ومتعددة، لا ترضوا بالعقود والانكفاء، شمّروا عن سواعد الجد والاجتهاد والعمل وأخلصوا النية لله في كل شؤون حياتكم، إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.. تلك كلمات متواضعة ارتأيت أن أسوقها إلى شباب الوطن، وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت.. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. وكيل مدرسة المغيرة بن شعبة برياض الخبراء