النصر يتغلّب على الخلود بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    في الوقت القاتل .. ضمك يخطف فوزاً ثميناً من القادسية    البحرين تطلق القمر الصناعي "المنذر" في إنجاز وطني غير مسبوق    ضبط (23865) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الوحدة يتغلّب على الخليج بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ( التطلي) والذكريات الرمضانية    من العقيدة إلى التجربة.. قراءة في أنسنة الدين    أمطار رعدية غزيرة وجريان للسيول في عدة مناطق بالمملكة    المركزي الروسي يرفع سعر الروبل أمام العملات الرئيسية    جمعية الأسر الاقتصادية تطلق هويتها الجديدة    زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب شبه جزيرة ميناهاسا في إندونيسيا    إنجاز سعودي في الأولمبياد الشتوي الخاص    إندريك يحل مكان نيمار المصاب في تشكيلة البرازيل    ولي العهد يهنئ السيد مارك كارني    واشنطن تطرد سفير جنوب إفريقيا    قصر ضيافة ومباني فندقية وسكنية في مزاد "جود مكة"    الدفاع المدني يكثف جولاته التفتيشية بالمدينة خلال رمضان    "ستاندرد آند بورز" ترفع تصنيف المملكة الائتماني عند "A+"    تفعيل مبادرة صم بصحة في فعالية إفطار حي خضيراء الجماعي    إفطار رمضاني يجمع صحافيي مكة على إطلالة البيت العتيق    فيديو.. غضب رونالدو بسبب استبداله أمام الخلود    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    20 جولة تبخير وتطييب للمسجد الحرام يوميًا خلال رمضان    محاريب المسجد النبوي لمسات معمارية إسلامية ميزتها النقوش والزخارف البديعة    السفير المناور يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه سفيرًا لدى المكسيك    جمعية حفظ النعمة تحفظ فائض وجبات الإفطار في المسجد النبوي الشريف    الكشافة يقدمون خدماتهم لزوار المسجد النبوي    أمير منطقة المدينة المنورة يطلق حملة "جسر الأمل"    الفتح يتغلب على الرائد بثلاثية    المملكة ترحب باتفاق ترسيم الحدود بين جمهوريتي طاجيكستان وقرغيزستان    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    تحقيق أممي: الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين    اكثر من 100 معاملة يتم إنجازها يومياً بالمنطقة عبر مبادرة الفرع الافتراضي    جمعية العناية بالمساجد " إعمار " تنفذ برنامج " سقيا المصلين "    أمانة القصيم تُعلن جاهزيتها لانطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية"    قطاع ومستشفى بلّحمر يُنفّذ حملة "صُم بصحة"    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل حملة "صُم بصحة"    محافظ الطائف يناقش تقرير لجنة الأسواق الشعبية    "بسطة خير السعودية" تنطلق لدعم 80 بائعًا متجولًا بالشرقية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بيوم العلم السعودي بسباق "راية العز"    جامعة أمِّ القُرى تحتفي بيوم العَلَم    مكة في عهد يزيد بن عبدالملك بن مروان.. استقرار إداري رغم التحديات السياسية    طيبة الطيبة.. مأرز الإيمان    عَلَم التوحيد    العلا.. تضاريس ساحرة ونخل باسق    في معنى التأمل    المشي في رمضان.. رياضة وصحة    نصائح لمرضى الكلى في رمضان.. يجب الالتزام بأساليب التغذية السليمة    الصين تتفوق عسكريا على أمريكا    تزامنًا مع يوم العلم السعودي.. "بِر جازان" تطلق مبادرة "حراس الأمن في عيوننا"    خناقة بمسجد!    مباحثات جدة الإيجابية "اختراق كبير" في الأزمة الروسية الأوكرانية    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    تعهد بملاحقة مرتكبي انتهاكات بحق وافدين.. العراق يعيد مواطنيه من «الهول» ويرمم «علاقات الجوار»    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على هوية مسجد الجامع في ضباء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العنف في الأسرة.. قضية تستحق النقاش

يقول عالم الاجتماع الفيلسوف العربي ابن خلدون في مقدمته المشهورة: (إن الأسرة هي نواة المجتمع، وصلاح المجتمع من صلاح الأسرة).
ولعل في هذا القول عين الحقيقة، فالمجتمع الصالح ينشأ من مجموع الأسر الصالحة، ومن هنا تتشكل بداية أصالة الشعوب وانتمائها الديني والأخلاقي والتراثي.
لقد بدأت مشكلة العنف في الأسرة تبدو بشكل أوضح منذ منتصف القرن الماضي تقريباً، مع ثورة العلم والمعلومات والإعلام والاتصالات واتساع مجالات الاختراعات وتسارعها، وظهور نظريات جديدة في العالم تنادي بها بعض الدول القوية عسكرياً واقتصادياً وما تقدمه عبر وسائل الإعلام المتطورة لتحقيق مكاسب لها على حساب المستهلك دون الالتفات إلى النوع أو الفكر الأخلاقي أو مراعاة قيم وعقائد الآخرين، ومنها إثارة الغرائز بما يتنافى مع المفاهيم الصحية والتربوية، وهذا لا ينفي أن العنف كان موجوداً، ولكننا نتحدث عن الظاهرة كنسبة آخذة بالارتفاع.
يقول الدكتور ناصر محمد المهيزع أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض: (إن ظاهرة العنف الأسري جاءت نتيجة للحياة العصرية، إذ إن من ضرائب التنمية والتحضر ظهور مشاكل اجتماعية لم تكن موجودة في المجتمعات التقليدية).
لم يعد في الوقت الحاضر من تواصل حميم بين أفراد الأسرة الواحدة نتيجة لظروف الحياة والعمل الذي يشغل أرباب الأسر جل أوقاتهم، وانشغال النشء بما يسوق لهم وما يرضي غرائزهم وينادي بحرية بلا حدود لا ضوابط لها، وتلك الفجوة الافتراضية بين الأجيال، فالكبار الذين عاشوا في ظروف معينة وتقاليد معينة وتربية معينة لم تعد بذات الأهمية والضرورة للجيل الجديد، والتلاقي بين الأجيال يحتاج إلى صبر ودراية وتعلم، ولا أقول بأن كل الأسر لهذه الأسباب وصلت إلى حال من التفكك بل بعض هذا الأمر صحيح ومطروح، وكم من الأسر لو درسنا واقعها وظروفها لوجدناها مفككة وكل فرد يعيش على هواه منعزلاً عن الآخرين من أفراد أسرته.
وهذا قد ينطبق على الزوجين أيضاً، فالرجل يطالب بحقوقه دون أن يلتزم فعلياً بواجباته، والزوجة تأخذها زخارف الحياة فتهمل في شؤون بيتها وزوجها وأولادها، تنقطع بينهما تلك العلاقة الرومانسية الضرورية لبقاء وهج الحب والتعاون بينهما، وهذا بذاته أحد الأسباب القوية التي تؤثر في الأبناء من خلال متابعتهم لعلاقة ليست سوية قد تتسم بالعنف أحياناً بين أبويهما تباعد المسافة بينهما.
لو أجرينا استطلاعاً عابراً ودراسة ميدانية عن واقع بعض الأسر لوجدنا أن الأم غالباً ما تكون مشغولة بأمور بيتها أو بالعمل لتشارك الرجل في تحمل عبء مصاريف الحياة والرجل رب الأسرة مشغول هو الآخر، والأبناء كل يغني على ليلاه بطريقة أو بأخرى وقد يجدون عند أصدقائهم أو من يقاربهم بالسن والأفكار التصاقاً أكثر من التصاقهم بالأسرة، ولو حدث في جلسة حميمة مثلا مناقشة أفكار ما بين الجيلين لوجدنا وتلمسنا حجم تلك الفجوة.
أمام هذه الحال المرتبكة نستطيع أن نتلمس أسباب ارتفاع نسبة العنف في الأسرة.
ومن ناحية أخرى يقول الدكتور ناصر محمد المهيزع (إن الأفراد الذين يكونون ضحية للعنف في صغرهم، يمارسون العنف على أفراد أسرهم في المستقبل).
وهذا يعني أن ننتبه كثيراً إلى طريقة التعامل مع أبنائنا تربوياً حتى لا نكون مثالاً سيئاً لهم يتمثلون به عندما يصبحون أرباب أسر.
أوضحت مصادر في مدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني في الرياض، أن هناك ما يزيد على مائة حالة اعتداء شهدتها العاصمة السعودية خلال الثلاث سنوات الماضية، غالبيتها وقعت على النساء (وتشمل أكثر الحالات الزوجات والخادمات)، إضافة إلى الأطفال.
لا شك أن الأصل في ممارسة العنف في الأسرة يبدأ من الزوجين، فالزوجة غالباً ما تكون الضحية الأولى والزوج هو المعتدي، فقد بينت الدراسات والإحصائيات في المملكة العربية السعودية وحدها ان ما يقارب 90% من حوادث العنف الأسري يرتكبها الرجل، كما أن أكثر من 50% من تلك الحالات تقع من الزوج على زوجته، وهذه الدراسات والحالات تدل على مدى الظلم الواقع بين الأزواج أنفسهم وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي، إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)، وقال نبي الرحمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من لا يرحم صغيرنا ولا يوقر كبيرنا).
إن الأصل في العلاقات الاجتماعية هو بناء مجتمع مثالي متراحم وهذا يبدأ من الأسرة من خلال علاقة سوية بين الزوجين تتسم بالرحمة والمودة كما علمنا الله سبحانه عندما قال في كتابه الكريم: {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} وفي إشارة إلى التعامل مع الزوجات قال جل من قائل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
يقول الكاتب محمد علي فضل الله: (إن الإسلام حين قوّم الواقع العائلي وشرع له، نظر إليه من جانبين: الأول إنسانية كل واحد من أفراد الأسرة دون استثناء والثاني أخلاقية التعامل بين هؤلاء الأفراد).
ونحن والحالة هذه لا بد أن نعمل على تربية الثقة بالنفس والشعور بالكرامة لدى الأبناء، بالحكمة والعدل، ولا نتجاوز ما شرعه الله وما جاءت به رسالة الاسلام الحنيف، رسالة العدل والسلام والحق لسعادتنا وضبط أمور حياتنا، بما يرفع علاقاتنا والعلاقة الأسرية بالتحديد إلى مصافي الأحاسيس الإنسانية وسط مشاعر الحب والمودة والرحمة لتستمر الحياة كما أرادها لنا الله سبحانه.
إن الرجوع إلى تعاليم الدين وبما يخص العلاقة الأسرية بين الزوجين وبين الأبناء خير نجاة من الوقوع في شرك العنف الذي لا يمكن أن يأتي بنتائج تربوية بل بالعكس سيؤدي إلى تفاقم هذه الظاهرة.
ويضيف الباحث الاجتماعي الدكتور ناصر المهيزع: (من الضروري تقديم استشارات نفسية واجتماعية وأسرية للأفراد الذين ينتمون إلى الأسر التي ينتشر فيها العنف، إضافة إلى وجوب تدخل الدولة).
لابد لنا أن نلجأ إلى تقويم العلاقة بين الزوجين بادىء ذي بدء على مبدأ الرأفة والعدل والرحمة والتوادد والاحترام، والتعامل بحكمة في مسألة التربية التي هي الأساس في نشأة الأبناء، ولنا في تعاليم ديننا السبل الكفيلة لو اتبعناها بصدق وإيمان وثقة بتسوية العلاقة بين أفراد الأسرة لتكون نواة مجتمع كريم وفاضل.
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له ابنة فأدّبها وأحسن أدبها وعلمها فأحسن تعليمها فأوسع عليها من نعم الله التي أسبغ عليه، كانت له منعة وستراً من النار) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله أن يهدينا إلى سبل الرشاد، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
الرياض
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.