في سبعينيات القرن الماضي طالبت منظمة اليونسكو وزارة التربية والتعليم الأردنية بإدخال بعض التعديلات على المناهج التعليمية التي تثير الكراهية ضد تصرفات اليهود. وقال الدكتور اسحق الفرحان، وزير التربية والتعليم الأردني آنذاك، في حديث إلى وكالة قدس برس) إنه شكل فريق عمل بعد تلقيه الكتاب استعرض عدداً من المناهج التعليمية في إسرائيل) خصوصاً في كتب العلوم الاجتماعيات واللغة العبرية، فوجد أنهم يدرسون طلابهم أن حدود إسرائيل من النيل إلى الفرات، وأن نهر الأردن يفصل أرض إسرائيل) الشرقية عن أرض إسرائيل) الغربية أي أن المملكة الأردنية جزء لا يتجزأ من إسرائيل)، وأن من مدن إسرائيل) عمان وجرش...! لا يختلف اثنان على وجوب تطوير المناهج التعليمية والارتقاء بها خصوصاً مواد الدراسات التجريبية كالرياضيات والعلوم وما يشتق منها كالفيزياء والكيمياء والأحياء والجيولوجيا وغيرها.. يجب الاستفادة من تجارب وسياسات التعليم الموجودة في بعض الدول الأوروبية حتى وإن اضطر الأمر للتعاون مع بعض مؤسساتها لتطوير هذه المواد وتقويمها على نحو مستمر. يعتقد كثير من الناس أن المقصود بتطوير المنهج هو تطوير الكتب المدرسية فقط!! وهذا فهم غير دقيق حيث إن المنهج هو الجو التعليمي العام، بمعنى أن الارتقاء بالمنهج هو مكافحة المباني المستأجرة)، وإعطاء دورات خاصة للمعلمين والمعلمات يتم من خلالها اكتساب المهارات والقدرة على الاتصال المعرفي مع الطلاب والطالبات، إضافة إلى وضع نشاطات متنوعة ومستمرة يكتسب الطلبة من خلالها بعض المهارات التي تصقلهم وتفجر طاقاتهم، إضافة إلى اكتشاف المواهب ورعايتها من خلال توفير فرص ومساحات يتمكنون فيها من إظهار إبداعاتهم وتنويرهم بأن الوطن محتاج إليهم. إن بناء وتطوير المناهج التي من شأنها الارتقاء بالتعليم العام وانتشار الوعي بين طلابنا هو أمر سام ومطلوب وجوده على كافة المستويات، ولكن يجب أن يتم على أسس وخطط سليمة.. نرتقي من خلالها بالوطن والمجتمع. يجب أن نتفق على أنه يجب تطوير مناهجنا لا أن نسعى إلى تغييرها؛ لأن تغيير المناهج التعليمية هو مطلب دول ومنظمات من خارج الحدود تطالب بالتغيير الجذري للمناهج وسياسية التعليم في المملكة طبعاً، والهدف من هذا التغيير ليس في مصلحة الدين أو الوطن أو المجتمع، وهذا واضح وجلي لدى الجميع، ولكن المحزن في هذا الأمر وجود أصوات من الداخل ركزت في مطالبها بتغيير المناهج الدينية دون غيرها وإلقاء سيل من التهم كعلاقتها بالإرهاب مثلاً!! فلو رأينا عزيزي القارئ أن ملايين الطلبة من المواطنين والمقيمين نهلوا من هذه المناهج على مدى سنوات ولم نرَ سوى ثلة تلقت تعليمها من مراجع ليس لها أي أساس في ديننا وعقيدتنا.. وبعضهم يعزي تخلف الأمة والمجتمع إلى أن سياسة التعليم لدينا تتركز على الدين واللغة العربية دون غيرها!! وكأن السبب الرئيسي في تخلفنا أننا دولة تقوم على الشريعة الإسلامية وعلى عروبتنا، وطبعاً يسعون من خلالها إلى تحويل هذه الميزة الشريفة إلى عيب مقيت!!. إننا نتطلع من خلال الحوار الوطني السادس الذي أقيم مؤخراً في منطقة الجوف إلى الرقي نحو سياسات ومخرجات التعليم العام وأن يكون الهدف من هذا اللقاء العمل على التوصيات والدراسات التي قدمها المشاركون والتأكيد على أن المصلحة الوحيدة هي الوطن. ما أريد أن أقوله إن تطوير المناهج يجب أن يكون لصالح المواطن السعودي سواء من خلاله اكتسابه معارف جديدة وفتح نافذة مضيئة على تجارب الشرق والغرب.. ومتابعة آخر ما توصلوا إليه علمياً وثقافياً واقتصادياً أيضاً، وهذا يتم من خلال تكوين وتطوير القوى العاملة وتأهيلها لتشكل نوعاً من رأس المال البشري في الدولة بجانب رأس المال الاقتصادي لإيصاله إلى العالم أجمع.. متوجاً بمورثنا الديني والثقافي وعاداتنا الحميدة المشرفة. [email protected]