مفهوم المواطنة العالمية يتداول بكثرة في الادبيات ذات العلاقة ولست في هذه المقالة بصدد الحديث عن المفهوم الشامل لهذا المصطلح ولكن سأنفرد بالحديث عن الطلاب ودورهم في اكتساب قدرات المواطنة العالمية. وبالطبع فاستخدام لفظ المواطنة هنا مجازي. اما اختيار الطلاب دون غيرهم من الشرائح كونهم يمثلون النسبة الكبرى من المجتمع وفي نفس الوقت يعول عليهم كاداة فاعلة للتنمية. اعتقد بان الطالب الذي يعيش في القرن الحادي والعشرين هو في واقعه مواطن عالمي كون الحلقة العالمية تضيق اكثر فاكثر والعالم اصبح في عملية تواصل مستمر حتى يكاد يلتصق. لذلك فان على الطالب ان يتعلم القدرات التعليمية والوظيفية او غيرها ذات الطابع العالمي اضافة الى المحلي خاصة في ظل التدفق الحر في الفكر والافراد ورؤوس الاموال - العولمة - ليس ذلك فحسب بل عليه ان يتعلم كيفية التعامل مع المتغيرات السريعة التي يشهدها العالم في كافة المجالات خاصة ذات المساس بالمجتمعات المحلية كالانترنت على سبيل المثال كما عليه ان يتدارس اساليب التعايش مع اصحاب الثقافات الاخرى وتفهم هذه الثقافات حتى يتم التعامل على اساسها. ولقد شرعت عدد من مؤسسات التعليم العالي من التي تستشرف المستقبل في الاعداد لذلك اذ اخذت على عاتقها مسألة اعداد مواطنيها للعولمة او للمواطنة العالمية.... واتخذت بذلك العديد من السياسات التي تحقق ذلك سأستعرض اهمها حتى يكون لراسمي السياسة التعليمية مدخل عند الرغبة في مثل هذا التوجه القادم بقوة لا محالة وقد يؤخذ منطلقا عند الرغبة في التطوير سواء في المناهج الدراسية او غيرها. اذا علينا ان نلتزم امام مجتمعاتنا بتعليم الطلاب مهارات وقدرات عصر العولمة سواء المتعلقة بالتعامل مع الاخرين او مهارات الاتصال او اللغات المعاصرة وغيرها من القدرات التي تؤهل الطالب لدخول هذا العصر المتعولم. ولا يكفي ان نعلمه ولكن علينا ان نوجد له بيئة تعليمية وليست تدريسية على التعلم او حتى غيره يدركها في المنزل وفي محيط مجتمعه الصغير ليتعلم منه ولا يعتمد في تعليمه في كل شاردة وواردة على التعلم وبالتالي يصبح كالوعاء يصب منه المعلومة ويفتح عند الرغبة في تفريغها. نريد طالبا يجمع ويحلل ويفسر المعلومة ويوظفها بما يحقق اهدافه. ان مثل ذلك بحاجة الى توفير مصادر تعليمية في مقدمتها نشر ثقافة المواطنة العالمية في المجتمع. ومن المهارات الهامة التي يجب ان يكتسبها الطلاب هي قبول الآخر واحترام اختلافات الثقافات وكيفية التعامل مع هذا الاختلاف حتى لو كان هذا الاختلاف دينيا او عقديا او سياسيا او خلافه ويتأتى اكتساب مثل هذه المهارات من خلال ايجاد بيئة حوارية بين الدولة وقطاع الاعمال والتربويين والطلاب انفسهم يكون التركيز فيها على الثقة بمناهج المواطنة العالمية لنصل في نهاية الامر الى ايجاد بيئة يستطيع الطالب من خلالها ممارسة هذه القدرات والمهارات المتعولمة التي اكتسبها. ولعلنا نذكر هنا ان مفهوم العولمة بدأ في الانتشار الواسع بل واصبح في كل زاوية من زوايا العالم عام 1997م ولقد وظفت بعض المجتمعات هذا المفهوم وادى الى انعكاسات على مجتمعاتها وافراد هذه المجتمعات وبذلك وفروا الحماية لمجتمعاتهم من مفاجآت المستقبل وجعلت منهم اكثر تعايشا مع المفاجآت ان وجدت بل واقتربت بشعوبها مع شعوب العالم واصبحوا اكثر تفهما لثقافاتها. ان اعداد الطلاب للمواطنة العالمية من شأنه ان يوقع تأثيرا على المجتمع وعلى مؤسسات التعليم العالي بالتحديد ولكن ينبغي ان نعلم ان المواطنة العالمية ليست هدفا للحدود المحلية... ابدا انما يقصد بها فهم الاخر والتعايش معه. اكاد اجزم بان الطالب اليوم ينبغي ان يدرك التداخلات من حوله واثار العولمة على حياته والتعامل مع معطياتها على هذا الاساس. واحذر من خلال هذه السطور الاخيرة من ان تعليم وتعلم الطلاب لقدرات المواطنة العالمية يجب الا يترك للصدفة بل لا ينبغي ان نترك للصدفة مجالا في تسيير امورنا وعلاج ذلك هو الاسلوب العلمي. ويأتي دور الجامعات هنا بان تنشر هذه الثقافة بين مجتمعاتها وتعقد الدورات التدريبية لاكتساب قدرات المواطنة العالمية. كما على الجامعات مراجعة هذه القدرات بصورة مستمرة وتطويرها وفق المتغيرات التي يشهدها العالم وتعقد الشراكات سواء مع مؤسسات سوق العمل او غيرهم من اجل نشر هذا المفهوم لكي نعيش مع الاخر ونتعامل مع ثقافته.