تمثل المسؤولية عقبة كؤود أمام شريحة من القيادات الإدارية في مؤسساتنا الحكومية لما تحمله في طياتها من تحدٍّ، وتتطلبه من إخلاصٍ وتجرد، خصوصاً عند من يستشعر أن القيادة تكليف لا تشريف، أما تلك الشريحة من القيادات الإدارية التي ترى أنما أوكل إليها من عمل إنما هو تشريف لا تكليف، فإنها - وللأسف - قد فقدت أبسط أبجديات المسؤولية، وسيطرت عليها ثقافة اللوم حال الإخفاق والفشل، والاستحواذ حال النجاح والتميز، وأصبح لها الغنم وليس عليها الغرم، مما ترتب عليه ضياع كثير من المصالح، وغياب الثقة بين أفراد الإدارة الواحدة، بل وغياب الثقة بين تلك الإدارة والمجتمع الذي وجدت لخدمته. لقد سطرت تلك القيادات صورة سلبية داخل مؤسساتنا الحكومية حينما فقدت قدرتها على تحمل المسؤولية واتخذت من التبرؤِ ديدناً، والتملص شعاراً والبحث عن المعاذير مخرجاً، وإلقاء اللوم على الآخرين متنفساً. إن التقاعس عن النهوض بالمسؤولية بين القيادات الإدارية، وتحمل أعباء تلك المسؤولية ليعد من أخطر الأمراض التي فتكت بمؤسساتنا الحكومية وساعدت على تعطل كثير من مصالح المواطنين، وفشو الفساد الإداري، حتى أصبح إلقاء اللوم على الآخرين، وتحميل المسؤولية للغير ثقافة سائدة بين الكبير والصغير، والرجل والمرأة، والمسؤول والموظف، فالبطالة سببها سيطرة ثقافة العيب على الشباب، والفقر سببه الكسل، والزحام المروري سببه انخفاض الوعي عند سائقي المركبات، وهلم جرا.. كلٌّ يرمي بفشله على الآخر، ويرى أن أسهل طريق للهروب من المسؤولية إلقاؤها على جهة أخرى معلومة أو مجهولة. إن النجاح والتميز الحقيقي، والانتصار على الذات لأي قيادة إدارية إنما يأتي من خلال شجاعة تلك القيادة وقدرتها على تحمل المسؤولية داخل إدارتها أياً كانت النتائج المترتبة على ذلك، واستشعارها أنها مسؤولة أمام الله أولاً، وأن كل راعٍ مسؤول عن رعيته، وأن كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. والله الهادي إلى كل خير.... [email protected]