يا جذوةَ الشعرِ فاضَ الحزنُ فاتّقدي ولتسفحي الدمعَ يا عيني إلى الأبدِ! فقد ترحّلَ عن دنياهُ زاهدُها وقد ترجّلَ عزمُ الفارسِ النَّجِدِ نبكيهِ لا لاعتراضٍ.. بل لِفُرقتِهِ نرثيهِ جلَّ مُصاباً، خيرُ مُفتقدِ أبكي وللحزنِ نيرانٌ على كبدي وفي حناياي آهاتٌ بَرَت جسدي مالي سَكَتُّ وبي ما فاضَ من ألمٍ مالي عجمتُ وآيُ الشعرِ طوعُ يدي! آهٍ.. وللموتِ ما جلَّ المُصابُ بهِ وللمنونِ سهامٌ أوهنَت جَلَدي يردُّني الصبرُ والأحزانُ تفتكُ بي وقد أصابت عيونَ الصبرِ بالرمدِ مَن لي وقد متَّ إن رابَ الزمانُ.. ومَن يشدُّ في مدلهمّاتِ الأسى عضُدي؟ عزاؤنا في رسولِ اللهِ سنَّ لنا بالصبرِ ما قرَّ في نفسي ومعتقدي عزاؤنا يا أبي فيما تركتَ لنا نوراً أبانَ صراطَ الحقِّ والرشَدِ عزاؤنا ما رأينا إذ مضيتَ إلى دارِ الخلودِ وما ترجوهُ من رَغَدِ ودّعتَ دنياكَ في طُهرِ الصلاةِ فما أنقى غسولَكَ من ماءٍ ومن بَرَدِ! وصمتَ شهرَ الهدى للهِ مُحتسباً والستَّ نافلةً نُسْكاً بقلبِ صدي وكانَ آخرُ ما أسمعتَ من عِبرٍ نُطقَ الشهادةِ صدقاً واللسانُ ندي فطِبتَ روحاً سَمَت كالنورِ مشرقةً.. فيممي الأجرَ والرضوانَ وابتردي في بردةٍ من لطيفِ النورِ تحملُها كف السماءِ إلى ريحانة الأمدِ واستقبلته جموع الخير تحمله من أمسِ دنيا لدارِ الخُلد يومَ غدِ في ذمّةِ اللهِ يا روحَ التُقى نُزُلاً جنات عدنٍ ورضواناً بلا عددِ