دخلت أحد مطاعم الوجبات السريعة لشراء وجبة حفيدتي الصغيرة، مع أنني أنصحها دائماً بالابتعاد عن هذه النوعية من الأطعمة. لكنها أحياناً تصر فألبي طلبها ولو بين الحين والآخر، حينما دخلت المطعم بإحدى المناطق النموذجية وجدت جيشاً من الأطفال في سن رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية، وأيضاً من طلبة المرحلة المتوسطة، ومع هذا الجيش جيش آخر من الشغالات والخادمات والمربيات (مع التحفظ على كلمة مربية)، أحد الأطفال تعسر فحاولت معه إحدى الآسيويات وبلغة عربية ركيكة، لكي تسكته فقط، صداع وإزعاج وزحمة، أين الأم.. مشغولة؟ لماذا تركت هؤلاء الأطفال مع المربية ليس لديها وقت أو مزاج أو خلق لهؤلاء الأطفال؟! انشغلت المرأة أمور هي بالنسبة إلى تربية الأبناء تعتبر ثانوية، ما المكسب أن تكون المرأة عضوة في البرلمان لكن على حساب التربية الأسرية؟ ما المكسب حتى تكون المرأة أو حتى الرجل في منصب رفيع، والابن والابنة في غاية من الإهمال والنسيان، لا يظن البعض أن المال والسفر والملبس والمأكل هي عناصر الاستقرار والسعادة. لقد قام أحد الباحثين منذ فترة برسم صور لسيدات منها صورة الأم صورة المربية، وسأل الأطفال من يفضلون أن تكون معهم أثناء السفر، فوضع الأطفال أيديهم على صورة المربية. قد نبني من جهة، لكننا نهدم من جهة أخرى دون أن ندري، قد يحصل البعض منا على أعلى الدرجات والمناقصات والمناصب لكنه ينسى أن هناك من ينتظره ويتطلع إليه ويرجوه أن يعطيه، ليس مالاً إنما وقتاً وتوجيهاً وإرشاداً. * نظرت في المطعم وإذا بشاب يلبس جينزاً ممزقاً، علمت أن ذلك من الموضة، وشاب آخر بنطلونه عليه قطع من القماش كأنها رقعة تسد شقاً ممزقاً، وإذا بذلك أيضاً من الموضة، وفي الخارج كانت فتاة صغيرة بالمرحلة المتوسطة تجر كلباً معها ومن بعيد تراقبها الآسيوية المربية وتلاحظها. * وأيضاً خارج المطعم شباب في سن المراهقة ينظرون يميناً وشمالاً لعل وعسى يقع نظر أحدهم على ما يعجبه ويلبي رغبته، صحيح أن هذا من سمات العصر وظروف الواقع، لكنا نريد جيلاً يعتمد عليه، جيلاً يشعر بالمسؤولية، وجيلاً نطمئن من خلاله على مستقبلنا، جيلاً خلوقاً مؤدباً يمرح ويسرح ويضحك وينطلق، لكن بحدود وتحت رعاية أولياء الأمور وبصرهم ونصحهم وتوجيههم. * حب الوطن ينطلق أساساً من الأسرة ومن التربية ومن حسن المعاملة والتعامل مع جيل المستقبل لا نريد جيلاً نتيجة تربية مربيات أجنبيات لا يعرفن أبجديات التربية والقيم المحلية نريد جيلاً يعرف لغته ودينه وقطعاً هذه الآسيوية المسكينة آخر من يعلم ذلك، فيا أيها الآباء والأمهات حب الوطن ينطلق من هنا. * نسبة المدخنين في المرحلة الثانوية ترتفع سنة بعد أخرى، وأيضاً بين البنات. أضف إلى ذلك ولع بعض الشباب بالشيشة.. فشباب المقاهي يستمتع بالشيشة وهو يتفرج على مباراة أو فيلم.. وهنا مشكلة لا أقول عنها أخلاقية أو اجتماعية حتى يقال: إن ذلك تخلف.. إنما على الأقل انظروا إليها من جانب صحي، فالسيجارة والشيشة دمار للقلب والرئة وحتى للعقل، فكيف ستكون حال هذا الشاب الطالب زوجاً ثم أباً وقبل ذلك مواطناً نعتد عليه؟ * بالمناسبة من من المختصين في هذا المجال اهتم بالتربية والتعليم؟ من من دعم المعلم والمدرسة؟ من من شكل التعليم هاجساً له؟ التعليم بوابتنا لإصلاح الأوضاع.. المواطن الصالح المتربي المتعلم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون سارقاً متجاوزاً متخاذلاً مفسداً.. فاغرسوا القيم وخشية الله في النفوس تحصدوا هذا النوع من المواطنين.. ما عدا ذلك أنتم تحرثون البحر، فالإنسان الفاسد فنان في وسائل الإفساد وشراء وبيع الضمائر.. فالذي لا يخاف من ربه لن تردعه الأوامر.. فالأصل أن نعمل ونجد ونجتهد ونحن نستشعر معية الله.. وإلا فمعية الهوى والنفس والشيطان حاضرة.