أكد مراقبون ومحللون سياسيون أن عملية غيوم الخريف لم تنتصر فيها إسرائيل رغم الدمار والخراب وجثث القتلى التي خلفتها مجزرة بيت حانون الأخيرة وقالوا إن هذه العملية كشفت عن أن إسرائيل لم تتعلم من أخطائها وأنها صعدت من شعور التوحد والتجمع والالتفاف لدى الفصائل الفلسطينية ليكون الجميع صفاً واحداً في مواجهة آلة الغطرسة الإسرائيلية، فقد أجمعت حماس وفتح على رفض الاعتداءات واعتبار بيت حانون منطقة منكوبة حسبما صرح أبو مازن كذلك دعا هنية إلى الصمود والمقاومة وتشكيل محكمة جرائم حرب دولية لقادة إسرائيل. وفيما أشار المحللون إلى أن العدوان الإسرائيلي رغم أنه لم يكن مفاجأة لأحد إلى أنه كشف عن سيطرة الفكر المتطرف بقدوم ليبرمان إلى الحكومة وتحكمه في الأجندة الإسرائيلية وهي بذلك لم تتعلم من أخطائها في الماضي وحسبما قال المحلل السياسي الدكتور محمد السيد سعيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن إسرائيل بقيامها بالاعتداءات الوحشية على الشعب الفلسطيني وارتكابها مجزرة بيت حانون تحاول التغطية على فشلها في حرب لبنان وإظهار قوتها للعالم وأن بمقدورها أن تنشر الخراب والدمار حولها.. وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية تسعى جاهدة إلى إدامة الصراع المسلح وتحاول إغلاق الباب في وجه أي تطور يفضي إلى دفعها للعودة إلى طاولة المفاوضات خاصة أنها لا تملك أجندة سياسية، بدليل إدخال أفيجدور ليبرمان إلى الحكومة حيث لم يكن بمقدور ليبرمان أن يشارك في حكومة لو أنها تملك خطة لفعل شيء ايجابي فقد تخلت هذه الحكومة عن برنامجها السابق بإخلاء المستوطنات ولا يشغلها سوى خلق المناخ الذي يعيق مطالبتها باستحقاق سياسي وأفضل ما تقوم به هو الحرب لتقوية جبهة المتطرفين. وحول أبعاد عملية غيوم الخريف يقول اللواء زكريا حسين رئيس أكاديمية ناصر العسكرية السابق أنه في بيت حانون كما في كل فلسطين يدفع الشعب الفلسطيني الآن ثمن انتصار المقاومة في لبنان على آلة الحرب الإسرائيلية فالعدوان الإسرائيلي الأخير يحمل أبعادا أخرى غير الدمار والقتل وهي استهدافه لإعادة الروح القتالية لجيشه المنهزم في لبنان والتغطية على قصور القيادة الإسرائيلية سياسيا وأمنيا وفشلها في الإبقاء على جيشها في صورته التي لا تقهر كذلك الإبقاء على الوضع الفلسطيني المتأزم بعد بروز محاولات ومساع من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية وهذه الحكومة التي تسمى حكومة إنقاذ تورط إسرائيل ومن ثم تطالبها باستحقاقات سياسية على الأرض، وعلى ذلك فإن الوضع المتأزم هو أفضل الحالات التي تجد إسرائيل نفسها فيها وحتى تستطيع أن تخفض سقف شروط الجانب الفلسطيني لإتمام صفقة تبادل الأسير جلعاد شليط. من جهة أخرى تحول تنفيذ العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وسفك الدماء الأبرياء إلى مطلب علني للعديد من الأحزاب الإسرائيلية وحسبما يرى المراقبون أنه بما أن الفلسطينيين أصبحوا كبش الفداء فإن صناع القرار في الحكومة الإسرائيلية لا يترددون في استخدامه لاستقطاب واسترضاء تلك الأحزاب وقادتها. ويشار إلى أن رئيس حزب إسرائيل بيتنا المتطرف ليبرمان قد اقترح فور انضمامه للحكومة الإسرائيلية في أول اجتماع لها الأسبوع الماضي أن تتبع إسرائيل لمواجهة الوضع في غزة النموذج الروسي في الشيشان وأن يعتمد الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة وسائل الجيش الروسي ومن هنا يتبين عنصران الأول هو الربط بين مجزرة بيت حانون وما يجري على الساحة الإسرائيلية وهو ما يراه سياسيون ومحللون حيث إرضاء المتطرفين في الساحة الإسرائيلية هو هدف سياسي بخلاف الهدف المعلن وهو إيقاف الصواريخ الفلسطينية التي تسقط داخل الخط الأخضر. وهذا يتفق مع ما قاله العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي طلب الصانع أن الجيش يحاول تعويض إحباطه في الجنوب اللبناني بجرائم ترتكب ضد الفلسطينيين والأهم كما يرى الصانع أن الشعب الفلسطيني يدفع ثمنا باهظا بتحالف ليبرمان مع الحكومة برئاسة أولمرت مشيرا إلا أن الأخير يحاول استرضاء الأول بأي ثمن. العنصر الثاني الذي يتبين من المجزرة هي أنها لم تكن مفاجأة لأحد ليس فقط لأن قرارات الحكومة الإسرائيلية ومجرى الحوادث داخل الاجتماعات في إسرائيل تم تسريبها عمداً للرأي العام بوقت مبكر ولكن أيضا لأن إسرائيل أعلنت إثر قيام نشطاء فلسطينيين بأسر الجندي جلعاد شليط عن تخطيطها لعملية واسعة النطاق بدأت بتدمير مراكز أساسية في البنية التحتية ثم إدامة الصراع المسلح غير أن إدامة هذا الصراع تؤكد الفشل الإسرائيلي والحسابات الخاطئة للسياسة المتطرفة وأنها محاولة فاشلة للتغطية على هزيمتها في لبنان فلم تكن مجزرة بيت حانون هي الأولى بل المرة العاشرة التي تذوق فيها هذه البلدة الصغيرة أصناف العذاب والاعتداءات الوحشية الإسرائيلية.