الإبل ذلكم المخلوق العظيم الذي بدأ به المولى جلت قدرته أمره بالتدبر في مخلوقات أخرى عظيمة هي: السماء كيف رفعت والجبال كيف نصبت والأرض كيف سطحت فقال سبحانه: {أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ..} والمصطفى صلى الله عليه وسلم حينما بعث معاذاً إلى أهل اليمن لدعوتهم إلى الإسلام حثه على الاجتهاد في الدعوة حينما قال (يا معاذ لأَن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم) أي نوادر الإبل. ومن هذا المنطلق كان اهتمام العرب من المحيط إلى الخليج بالإبل كبيراً وفي جزيرة العرب سيتعاظم الاهتمام بشكل أكبر، فلقد اهتموا بالإبل أيما اهتمام.. اعتمدوا عليها في حروبهم، وفي سفرهم تنقلهم وتحقق غاياتهم.. وفي تجارتهم تحملهم وأمتعتهم إلى بلاد الشام ومصر والعراق.. وبقدر ما كانوا يحنون على إبلهم ويكرمونها حباً وتقديراً.. فهي كانت كذلك تحملهم على ظهورها وتغذيهم من لحومها وتسقيهم من حليبها وتكسوهم من جلودها ومع تقادم السنين وظهور ثورة التكنولوجيا ونعمة النفط بقي الاهتمام ولكن ليس بنفس النسق الأول، وإنما في الحشمة والدلال والتباهي والافتخار بهذا المخلوق العظيم من مخلوقات الباري عز وجل، فكانت البداية بإقامة سباقات للإبل تخليداً لهذا الموروث الشعبي الأصيل الذي يقام في جنادرية السعودية وسباقات مماثلة في دول الإمارات وقطر والكويت من دول مجلس التعاون الخليجي.. ومروراً بمبادرة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد العزيز الذي أقر مسابقة لمزاين الإبل في كل عام واختار لجائزتها أقرب الناس إلى قلوب شعب الجزيرة العربية موحدها وباني كيانها الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه، فصار مهرجان أم رقيبة لمزاين الإبل أكبر محافل الإبل في العالم وأكثرها تقديراً وعرفاناً بهذا المخلوق العظيم الذي ارتبط بنا وارتبطنا به منذ القدم. إلى أن امتد دلالنا للإبل في أن تزيين استراحاتنا وطرقاتنا وبرارينا فأصبحت محل مباهاة المهتمين ورجال الأعمال الذين يستقبلونك إما في ربوة على طريق هام أو في استراحة جميلة أو في الصحراء بمجموعة من الخلفات أو الجمال التي تتميز بأشكال غاية في الروعة أحسن خلقها الخالق وأطلق عليها صاحبها (المزاين) من مجاهيم وشعل ومغاتير وصفر. وما أن تأخذ مكانك في صدر المجلس القريب جداً من (مراح الإبل) حتى ينادى للراعي بجلب الخلفة ليسقيك من حليبها ولحظتها وأنت تتابع الراعي يجلب الخلفة تشاهد العجب.. فهو حينما يهم باستحلاب الخلفة لا بد أن ينادي ابنها لتضمه إلى حضنها كي تدر الحليب ومن ثم يبعد (جنينها) ويشرع في تلبية رغبة عمه في حلب الخلفة لتقديمه للضيوف، وسبحان الله العظيم الذي خلق كل شيء وقدره تقديراً، فيقدم الحليب كأفضل عناوين الكرم لدى هؤلاء الهائمين بحب الإبل ومزاينها وتلك الظاهرة التي لم تعد مقتصرة على فئة دون أخرى من أبناء هذا الوطن، بل إنها طموح كل مستور حال فضلا عن من حباه الله نعمة المال. نعود إلى المزاين التي هي من بنات أفكار صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد العزيز الذي رعاها وفعل مسابقاتها حتى أصبحت اليوم حديث الناس في مواسمها وانتشرت في غير موقع. فاليوم نحتفل جميعا بمزاين إبل حرب وغداً سنكون في الملقا، وبعده في المهرجان الكبير والرسمي للمزاين في أم رقيبة على جائزة الموحد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل، طيب الله ثراه، وهناك مهرجانات مماثلة بقبائل مطير وقحطان وغيرها ممن لا يحضرني ذكرها الآن كلها تحرص على تنشيط حركة سوق المزاين من خلال مهرجانات تنسجم تماما مع توجيهات قيادتنا الرشيدة في برامج التنشيط السياحي الذي يتوافق تماما مع خصوصيتنا ومع عاداتنا وتقاليدنا، وسيكون لنا عودة حول نجاح قبيلة حرب في تقديم مهرجان متميز ومفعل ببرامج غاية في الروعة جمعت بين المتعة والاستفادة، ومع المهرجانات الأخرى علنا نصل إلى آلية تخدم المهرجانات الخاصة بمزاين الإبل ولا تؤثر عليها. المدير الإقليمي لجريدة الجزيرة بالقصيم