تلك هي أيام معدودات ويهل علينا عيد الفطر المبارك، وبطبيعة الحال العيد مزيج من الفرح والسرور لاشك أنه يغمر القلوب بالفرحة وفيه تبتسم مظاهر العيد وفيه واقع أخلاقنا الاجتماعية فهو ما يضفيه من أسس وبهجة وراحة للأبدان وما يدعو إليه من تجديد أواصر الألفة والمحبة بين الأصدقاء والتراحم بين الأقرباء والتواصل بينهم.. ذلك الترابط الوثيق والتفاعل المتبادل بين المجتمع وبذلك يهدف الاسلام من أواصر العيد إلى تكوين مجتمع سعيد جذوره العميقة تمتد من الايمان بالله جل شأنه ولحمته المحبة والرحمة وقيمه ومعاييره تقوم على القيم الفاضلة والأخلاق الكريمة والتسامح ونبذ الخلاف وصفاء القلوب من احتقان الحقد والكراهية وفي العيد يتناسى ذوو النفوس الطيبة أضغانهم ويتصافون ويتصافحون بعد كدر النفوس ويحبون لاخوانهم كل خير، قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} والدعاء لاخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان والمجتمع المسلم الحصيف يدعو لهم قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا} وفي العيد المغزى الاجتماعي لاصلاح ذات البين والإسلام يكره فساد ذات البين لأن فيه اثارة للخصومة والتنافر والكراهية للآخر قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إياكم وفساد ذات البين) فإنها الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين لهذا كرر الإسلام الأمر بالاصلاح وحض عليه وجعله من أفضل الاعمال الخيرة للاصلاح بين الناس قال الله عز وجل: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} وهذا أولى الناس بالوفاق والاصلاح يا معاشر القراء هم تحت سقف واحد وتجمعهم وشيجه كوشيجة الزوجية والأرحام.. قال تعالى:{وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} قال صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يبسط له في رزقه فليصل رحمه) فيا معاشر القراء بطبيعة الحال العيد فرصة ينتهزها المحبون لفعل الخيرات لاصلاح ذات البين لاشك إن النفوس تتسم بالمعاني الإنسانية وتقوي للروابط وبفضل من الله المجتمع السعودي قمة في التكافل الاجتماعي ويمتد شعوره الانساني إلى أبعد نظرية وذلك حين يبدو في العيد خاصة متماسكاً ومتعاوناً ومتراحماً. الحمد لله الذي أتم علينا صيام وقيام هذا الشهر الفضيل داعيا الله أن يتقبل منا ومن جميع المسلمين.. هذا وللقراء فائق التحية والتقدير.