ها قد أقبل العيد - عيد الفطر المبارك - بصفائه ونقائه، جاء يحمل البشرى للمسلمين بعد أن أتموا أداء فريضة الصيام، وأقاموا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم بقيام ليالي هذا الشهر الكريم فعاشوا أياما وليالي مباركة يتقربون فيها إلى مولاهم عز وجل بأنواع الطاعات والقربات، فنسأل الله أن يتقبل من الجميع ما قدموه من الأعمال الصالحة، وها هم اليوم يفرحون بالعيد الذي يؤذن بإتمام أداء أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو الصيام، فحق لهم أن يفرحوا بذلك (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ). كل عام وبلادنا المباركة - المملكة العربية السعودية - في عز وتمكين، وتقدم وتطور، وأمن وأمان كل عام وأنت بخير أيها الوطن الغالي على قلب كل مسلم. كما نقدم التهنئة بهذا العيد لولاة أمرنا وندعو الله عز وجل أن يجزيهم خير الجزاء على ما يقدمونه لنصرة الإسلام والمسلمين. نسمات العيد قد سرت، وتشهد - بفضل الله - بما يعيشه هذا الوطن من ترابط وتلاحم، وتكاتف واجتماع الكلمة، ووحدة الصف بين ولاة أمره، وعلمائه، ورجال أمنه، وجميع أبنائه. فالحمد لله على ذلك أقبل علينا العيد، وقد شاهدنا جميعا عبر وسائل الإعلام صورا مؤثرة للمصلين الباكين في الحرمين الشريفين، يدعون الله ركعا وسجدا. ورأينا المعتمرين والزائرين يؤدون مناسكهم في أمن وأمان، وأجواء روحانية، تظلهم السكينة، وتغشاهم رحمة الله تعالى، وهم ينعمون بما يقدم لهم من خدمات جليلة لتسهيل مناسكهم، يكاد القلم يعجز عن وصفها. نسمات العيد تبعث في نفوسنا الأمل، وتقوي الرجاء بأن المستقبل لهذا الدين العظيم الذي هو الدين الوحيد القادر - بفضل الله - على لم شمل البشر، على اختلاف مشاربهم وأجناسهم وصهرهم في بوتقة تعاليمه السمحة، ومبادئه العظيمة، مبادئ الخير والحق، والعدل والإنصاف، والرحمة والوسطية، بعيدا عن الغلو والتطرف المقيت.فرحة العيد تنادينا أن نتعالى على الخلافات والضغائن، وأن نتسامح فيما بيننا، وأن نزداد ترابطا وتراحما من أجل خير الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع.فرحة العيد تحتم علينا أن يتذكر الدعاة إلى الله جسامة المسؤولية التي ألقيت على عواتقهم، وهم يقومون بدعوة الناس إلى الله؛ وعرض الإسلام عليهم بتعاليمه السمحة، ويبين لهم حقيقة الإسلام بعدما لحقه من تشويه وافتراءات وإساءات. فرحة العيد تدعونا ألا ننشغل عن صلة الأرحام، وزيارة الأقارب والجيران، وتفقد أحوال الفقراء والأرامل وذوي الحاجات. والإحسان إليهم، والقيام على قضاء حوائجهم، وإدخال الفرحة على قلوبهم، ليفرحوا بالعيد كما يفرح الآخرون.