الدنيا مليئة بالمصائب ومُرّة المشارب، لا يدوم سرورها، إن أضحكتك قليلا أبكتك كثيرا.. والموت سبيل وغاية كل حي. قال قطري بن الفجاءة: سبيل الموت غاية كل حي فداعيه لأهل الأرض داعي وقال أبو العتاهية: كتب الفناء على البرية كلها والناس بين مقدم ومخلف سبحان ذي الملكوت أية ليلة محضت بوجه صباح الموقف رحم الله خالتي لولوة بنت عبدالله الغفيص، المرأة الصالحة المحتسبة التي منذ سنوات وهي تصارع الأمراض، لا تنام من الليل إلا أقله، كانت رحمها الله هينة لينة سهلة محبوبة عند الجميع؛ لهذا لم تكن المصيبة قاصرة على أفراد الأسرة فحسب، بل أحسسنا من خلال العزاء فيها أنها فقيدة للجميع، فكان أول مظاهر ذلك الإحساس قد بدت للعيان ظهر يوم الخميس 21 شعبان 1427ه؛ إذ اجتمع المصلون في جامع خادم الحرمين الشريفين الذين توافدوا من كل حدب وصوب للصلاة عليها ثم تجددت المشاعر بالحزن عليها حين واصل المصلون تشييع الفقيدة إلى مقبرة (المطأ) في عز الظهيرة تحت أشعة الشمس، لتقام الصلاة عليها مرة ثانية، وتتابعت المشاعر بعد ذلك؛ إذ أصبحت دار العزاء ملآى بالمعزين الذين يلهجون بالدعاء الحار من الأعماق وطلب المغفرة والرضوان من الله، ولكن العزاء فيها ما خلَّفت من ذكر جميل وذرية صالحة.. ولا نقول إلا كما قال الله تعالى {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}. نسأل الله العلى القدير أن يغفر لها وأن يجعلها في جنات النعيم وأن يلهم أهلها الصبر والسلوان.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.